المقالات

الصدر وصدام.. من كان محنة من؟!

2553 2019-04-06

كاظم الخطيب

 

الدكتاتورية وباء الحكام، وداء السلطة، كما الحرية هي جريمة الشريف، وسلاح المقاوم، ولا يمكن لهما أن يشغلا حيزاً واحداً في زمن واحد.

بعد تهاوي بقايا صرح الشاهنشاهية في إيران، وخلو المنطقة من عميل يمثل الذراع اليهودية، والسوط الأمريكي، والرماد الغربي.. ذلك العميل الذي يجسد الإرادة الأمريكية، ويلبي الطموح اليهودي، ويحسن صورة الغرب، في عيون السذج والبسطاء.

خسرت أمريكا حليفها القوي في إيران، ولم يك من أمل أمامها في إمكانية الإلتفاف على الثورة، أو إختراق صفوف الثائرين؛ لإفشالها أو تحييدها عن مسارها على أقل تقدير.

حينها لجأت إلى إستيراد الأداة الملائمة لتوجهها، والإرادة الطيعة لتنفيذ مخططها المشؤوم، لإجهاض الثورة، وإعادة الأمور إلى سابق عهدها، قبل قيام ثورة الإمام الخميني(رضي الله عنه) على نظام الشاه الديكتاتوري العميل؛ من خلال إيجاد بديل لهذا النظام، وقد كان البديل موجوداً، وكانت اللحظة حاسمة، وكان الأمر- مطلقاً- لا يحتمل التأجيل.

كان البديل هو نظام البعث، وأداته القذرة صدام حسين؛ الذي قام بتنحية أحمد حسن البكر- الرئيس العراقي آنذاك- وتولي مقاليد الحكم في العراق، والعمل على تهيئة الأرضية الملائمة لإعلان الحرب على الحكومة الديمقراطية الإسلامية، الوليدة في دولة الجوار إيران؛ من خلال مسرحية إستهداف طلبة الجامعة المستنصرية بتفجير مزعوم، والقيام بحملة واسعة لإعتقال طلبة العلم في بغداد والنجف، وغيرهما من باقي محافظات العراق بإعتبارهم عملاء.

تلقى صدام حسين ونظامه البعثي، دعماً عسكرياً وإعلاميا واسعاً، وتأييداً سياسياً مطلقاً، من أغلب دول المنطقة والعالم، بحيث أصبح يمتلك القوة الفاعلة في منطقة الخليج خصوصاً، والمنطقة العربية بشكل عام، لدرجة أنه لم يك أحد من شعبه ومواطنيه، أن يجرؤ على إعتراض حكومته، أو النيل منها بقول أو بفعل، وإلا؛ كان مصيره السجن أو الموت على أيدي جلاوزته ومريديه.

كانت هناك ثمة خشية تتولد لدى هذا الطاغية؛ من خلال جرأة أحدهم على الإستخفاف بقوته وجبروته، وتسفيه نظام حكمه، والإفتاء بتكفير الإنضمام إلى حزبه، والعمل على قيام الثورة ضده، من خلال توعية الشعب- وخصوصاً شريحة الشباب المثقف- بوحشية نظامه وديكتاتورية حكمه، وتسليحهم بسلاح الإيمان والعقيدة؛ ذاك السلاح الذي يعتبره الطغاة من أفتك الأسلحة التي من شأنها الإطاحة بعروشهم.

كان ذلك الثائر الذي زرع بذرة الخوف هذه، في قلب الجبروت الصدامي؛  هو المفكر الإسلامي والمرجع الديني السيد محمد باقر الصدر( قدس سره الشريف).. وبما أن حيز الوجود لا يمكنه أن يحتوي الحاكم الظالم والثائر المقاوم في آن ومكان معاً؛ فكان لابد من إزاحة أحدهم عن مسار الآخر.

قام صدام حسين بالتضييق على السيد الثائر، بشتى وسائل السلطان، من إقامة جبرية، وإعتقال- له ولطلبته-  ومنعه من الصلاة في الصحن العلوي، والحيلولة بينه وبين إختلاطه بالناس ولقائه لهم، كما قام السيد الشهيد من جانبه أيضاً؛ بالتضييق على الأول من خلال التصعيد في الخطابات المناهضة، وإعلان الإستعداد للسير في طريق الشهادة، والعمل على تأسيس قيادة- علمائية- نائبة من شأنها قيادة الأمة- بعد إستشهاده- وتوجيهها نحو طريق الثورة والخلاص من الحكم البعثي المستبد.

إسقط بيد الطاغية الهدام، ولم يجد بداً من السير على نهج إسلافه من الطغاة، في العمل على إفراغ الساحة الجماهرية من شريحة العلماء والمتعلمين والمثقفين، وتوسيع دائرة الهمج الرعاع؛ الذين ظلوا يهتفون له، كلما أطل عليهم بشخصه البغيض( بالروح بالدم نفديك يا صدام).

أقدم صدام على إعتقال السيد الشهيد محمد باقر الصدر، في الخامس من نيسان لعام 1980، وقد مارس معه شتى وسائل التعذيب، وطلب منه أن يسحب فتواه بتحريم الإنظمام إلى صفوف البعث الكافر، فأطلق حينها صرخته الدوية؛ التي أصمت أسماع الطاغية" لو كان أصبعي هذا بعثياً لقطعته"، كما وجه خطابه إلى تلامذته قائلاً" ذوبوا في الإمام الخميني كما ذاب هو في الإسلام"، فكانت دعوة صريحة لمناهضة النظام والعمل على قيام الثورة ضده.

في التاسع من نيسان لعام 1980، أنتصر السيد محمد باقر الصدر، بإجبار عدوه على إعلانه شهيداً، من خلال إعدامه، وإعلان بداية العد التنازلي لزوال حكمه وإنهيار دولته، وزرع بذرة الخوف في نفسه، والتي لازمته حتى لحظة إخراجه من الجحر الوضيع الذي تنبأ به الثائر المنتصر، لهذ الظالم المندحر.  

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك