المقالات

الغاز المصاحب للشباب..!

1669 2018-12-15

كاظم الخطيب


الشباب عالم قد لا يفهمه أغلب الرجال، والرجولة غاية قد لا يصل إليها أغلب الشباب، فالفتوة مادة خام ليست بالضرورة أن تستحيل رجولة، أما الرجولة فهي فتوة قد نالت حظاً من الإهتمام والرعاية الخاصة أو العامة. 
الشباب هو أول الشيء وحداثته، وريعان شباب الرجل هو ريعان الفتوة، التي تلي مرحلة الطفولة؛ ما يشير إلى فطرة وعنفوان وحياء وشرف، وفضول وتقصٍ وشغف، صفات إذا ما تمت رعايتها بدراية ، ومداراتها بعناية ، حينها تكونْ الرجولةَ، وتُصنع الشعوب، وتبنى الأوطان، ويكون للحاضر معنىً وللمستقبل وجود. 
كما الغاز المصاحب للنفط العراقي؛ كانت طاقات الشباب تحرق، وتبدد في الهواء، وتتبدد معها أحلام وتطلعات شعب فتي يعاني من شيخوخة مبكرة، بفعل ممارسات سياسية وإجتماعية وإقتصادية؛ يمارسها الكبار، وبعض الشباب ممن صيرهم الفساد كباراً.
إقصاء الشباب- خوفاً أو حسداً- إسلوب مقيت يمارسه مخضرموا الإدارة والسياسة، وأرباب السيادة، وصناع القرار؛ حفاظاً على مراكزهم وإمتيازاتهم، مما خلف جيشاً من العاطلين، الذين لا يملكون شيئاً أكثر من الفراغ.
فراغ طويل، وطاقة مكبوتة، ومحسوبية باتت تمتهن توزيع الأرزاق على الخلائق، دون تدخل من الله سبحانه- حسب ظن ذلك الشاب العاطل- فهو يرى 
كيف أنه وبجرة قلم من مسؤول؛ يؤمن رزقاً لأحد معارفه أو أقاربه أو أحد محازبيه بصفة دورية- شهرية- ثابتة، بينما هو يعاني من الفقر والعوز والحاجة، رغم سيرته الذاتية التي تحتوي سنوات عمره، ومعاناته في سبيل الحصول على الشهادة الجامعية، والتي طبعها أكثر من مائة مرة، ولم تجد لها جرة قلم من أحد.
لا شك لديه مطلقاً؛ بأن عملية توزيع الأرزاق هذه، هي بعيدة كل البعد عن سنة الله سبحانه في خلقه وحكمته في ضمان الرزق لجميع المخلوقات، حتى إنه قد سمع من أحدهم يوماً؛ إن الله يرزق نملة في قلب حجر، والحجر في قلب محيط، وقد سأل نفسه حينها، ماذا لو أنني وصلت لذلك الحجر؟ وأخرجتهُ من قلب ذلك المحيط، وكسرته وأخرجت تلك النملة من قلبه، وماتت تلكم النملة، فهل سيكون ذلك من صنع الله؟ أم من صنع يدي؟ وهل سيعاقبني سبحانه؛ لأنني تدخلت عابثاً في منظومة الرزق التي كفلها لعامة مخلوقاته؟
نعم.. كان جوابه جازماً، سيعاقبني الله، لكنه عاد متسائلاً، هل يمكن أن يرى الله تلك النملة وهي في أعماق المحيط، وفي قلب ذلك الحجر، ولا يراني، وأنا في قلب محيط العراق، وفي قلب أمي؟ تلك المرأة التي ما عزفت عن الدعاء ولا إنفكت عن الرجاء، كي أحضى بجرة قلم، من شأنها أن تنصفني، وتعيد إلي حقي، لا أن تأخذ حق غيري وتعطيني إياه، فأنا أرفض قطعاً التدخل في منظومة الرزق الإلهية.
أردف قائلاً، ترى ماذا سيقول الجمهور السياسي، والرهط الإداري، لله سبحانه، حين يسألهم عني؟ بماذا سوف يجيبون، حين يقول لهم سبحانه، لماذا تدخلتم في منظومة رزقي التي كفلتها لمخلوفاتي، وأخرجتم هذا الشاب من قلب محيط العراق، وكسرتم قلب إمه، حتى مات حسرةً وكمداً؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك