المقالات

العبادي والغصص، بعد ضياعه للفرص..!

2439 2018-09-11

كاظم الخطيب

رجل سقطت في أحضانه- بين ليلة وضحاها- سلطة أكبر من حجمه، وأعظم من همته، وأوسع من مدارك فهمه، تتطلب أهم عنصرين كان يفتقر لهما، الإقدام والثقة بالنفس.

توفرت لهذا الرجل عوامل نجاح، لم يكن له دور مميز فيها، بل كان وكما يقول المثل الشعبي" حديدة عن الطنطل"، فقد أسعفته فتوى الجهاد الكفائي؛ التي أطلقها المرجع الكبير، زعيم الحوزة الدينية في النجف الأشرف، سماحة أية الله العظمى السيد علي السيستاني( دام ظله) وقيام عشرات الآلاف من خيرة أبناء العراق بالتطوع للقتال جنباً إلى جنب مع إخوانهم من أبطال الجيش العراقي.

كما حصل على تخويل من المرجعية، وبتأييد مطلق من الشعب، بأن له اليد الطولى، والدعم المطلق لمحاربة الفساد، والعمل على إصلاح النظام السياسي، وقد عبرت المرجعية عن ذلك، بعبارة واضحة، وإشارة قادحة، أن" إضرب بيد من حديد". لكن الرجل لم يكن أهلاً لها.

لقد فوت على نفسه وعلى البلاد فرصة التغيير المنشود، بتفويته الفرص الملائمة للقيام بذلك التغيير، الأمر الذي أدى إلى تفاقم المشاكل، وشل يد الدولة عن تقديم الخدمات لأبنائها، بسبب الفساد الحكومي، والمؤسساتي.

كان حيدر العبادي من أكثر- بل أكثرهم على الإطلاق- السياسيين الذين حصلوا على الدعم والتأييد، وعلى وفرة من فرص النجاح والفوز بالمقبولية اللازمة لحصوله على الولاية الثانية، على غرار سلفه المغرور- الذي سلم ثلث العراق لداعش- لكنه - العبادي- عمد إلى تبديد تلك الفرص، وتشتيت ذلك الدعم، وإهدار مطلق التأييد، كالتي أنقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا.

راهن العبادي على التأييد الخارجي، من خلال الإيحاء المبطن تارة، والتأييد المعلن تارة أخرى؛ بأن الولاية الثانية سوف تكون من نصيبه هو لا محالة.

عندما قالت أمريكا أنها تريد حكومة في العراق تتقاطع مع المصالح الإيرانية، سارع في إعلان تعاطفه مع إيران- خبثاً- وإلتزامه بتطبيق قرار الحصار الأحادي عليها- جبناً وطمعاً- وعندما إندلعت التظاهرات في البصرة، غض عنها البصر، آملاً في أن تتطور الأمور، كما تطورت في المحافظات الغربية، عندما عبر المالكي عنها بأنها" فقاعات" والهدف من ذلك؛ هو توجيه خارجي له بإستخدام "القوة الناعمة" للقفز علي العقبات التي تحول بينه وبين الولاية الثانية، من خلال إشاعة الفوضى، وإحراج الجمهور السياسي المنشغل بتشكيل الكتلة الأكبر، وقطع الطريق عليهم، بإعلان حكومة طوارئ.

واجه مشروع العبادي الرامي إلى إعلان حكومة الطوارئ، مد إصلاحي مرجعي، كشف عورة الحكومات المحلية لحكومة العبادي، وتقصيرها المتعمد في تقديم الخدمات والرامي إلى إثارة حفيظة الشارع البصري خاصة، والشارع العراقي بوجه عام.

من جهة أخرى واجه العبادي إرادة صلبة وعزيمة ثابتة، من رجال قد خبر فعلهم، هو ومن كان يقف وراءه من الراغبين في توليه الولاية الثانية، أو النجاح في إعلان حكومة الطوارئ.

كانت تلك الإرادة الصلبة والعزيمة الثابتة، هي صخرة الحشد الشعبي التي تحطمت عليها أحلام أمريكا والسعودية، وكل دول الجوار، وعملاء الداخل- من قبل- والتي تمثلت بداعش الكفر والإلحاد، وهاهي الصخرة ذاتها اليوم وهي تحيل مخططه إلى ذرات من تراب، ولمحات من سراب.

لابد للشعب العراقي- بشكل عام- والجمهور الشيعي- بشكل خاص- أن يعوا بأن مفردات الخلاص إنما تتلخص في التمسك بحكمة المرجعية التي أثبتت أبوتها لكافة أبناء العراق، على إختلاف أديانهم، وقومياتهم، ومذاهبهم، والمحافظة على قوة الحشد الشعبي، والركون إليها في أوقات الشدة والمحن، كونها الظهير الأمين، والسند المتين، لجيشنا الباسل وقواتنا الأمنية.

سلم مجتمعي، ووعي شعبي، وقيادة حكيمة، وفطرة سليمة، وأحزاب وطنية، وإدارة مهنية؛ كفيلة بالقضاء على الفساد، وإنتشال العباد والبلاد من حالة الإنحطاط، إلى أسمى درجات التقدم ومراتب والرقي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك