المقالات

عراق ما بعد داعش

2494 2016-11-02

يجمع المراقبون على أفول تنظيم داعش في العراق، نهاية قصة رعبه، وإنحسار عنفه، الرغبة الدولية واضحة بمساعدة حكومة بغداد برئاسة العبادي المؤمنة كما يبدو حتى الآن بإشراك الجميع وتصحيح المسارات الخاطئة، وإنخفاض منسوب الخطاب الطائفي وتراجع أصواته داخلياً أسهما معاً وبشكل فعال في ذلك، إضافة لعودة الروح المعنوية للقوات المسلحة بعد إنهيار حزيران 2014 الدراماتيكي، معركة الموصل يبدو الحسم فيها جلياً وإنهيار التنظيم الإرهابي واضحاً، وخلاياه النائمة في هذه المدينة المحررة أو تلك، يمكن القضاء عليها قبل أن يستفحل أمرها نواةً لحواضن جديدة لما هو أشرس، متعكزاً سياسات خاطئة وتهميش كبير يشعر به أهالي محافظات غرب العراق إذا ما أحسن الجميع قراءة دروس وأخطاء سنوات ما بعد 2003 أفقدت العراق والعراقيين الكثير من فرص النهوض والسمو فوق الجراح، عراق ما بعد الموصل، ما بعد داعش، وكانت الفرصة مواتية وكبيرة بعد هزيمة القاعدة وأُهدرت، بحاجة لقرارات صعبة، وتنازلات أكبر، الطبقة السياسية مدعوة لحشد الناس للقبول بما قد أُعتبر ذات يوم خطوطاً حمراء لايمكن تجاوزها، أو التنازل عنها، والدعوة للإيمان بالتعايش السلمي المشترك، والإعتراف بأخطاء سياسات الإلغاء والإقصاء واللجوء للعنف المتبادل في حل القضايا العالقة والشائكة بين المكونات.  

وثيقة التسوية الوطنية الشاملة، والمزمع طرحها رسمياً قريباً بعد إقرار الهيئة القيادية والسياسية للتحالف الوطني لها، تبدو فرصة نادرة للسلم الأهلي خاصة مع توفر ضمانات أممية وتعهد دولي بحماية الإتفاق السياسي، والمجتمعي التأريخي، و "معاقبة" أي طرف داخلي أو خارجي يحاول عرقلة إعلانه، مع دعوة العراقيين للإنخراط في حوار جدي يفضي لتسوية وطنية بين المكونات والطوائف، مبشرة بأيام مفعمة بالأمل للعراقيين، ومتعهدة بالتحشيد الدولي لها، الوثيقة بحاجة لتجميع مقترحات كل الأطراف العراقية بعد الإطلاع عليها للخروج بورقة نهائية ورؤية واحدة، تنتج عراقاً متسامحاً، متعايشاً خالياً من العنف والتبعية وتشدد على مشاركة الجميع في إدارة الدولة بلا إستثناء. 

قد يبدو الوقت متأخراً للخروج من مأزق سنوات الأزمة، نستذكر خلالها الخسارات الكبيرة، والأرواح البريئة التي ذهبت سدى، والموارد الهائلة التي أهدرت والشرخ المجتمعي الكبير، لكن أفضل من أن لا يأتي وتبقى دوامة العنف ونارها المستعرة تُشعل الداخل وتسمح للخارج بالتدخل ومصادرة قرارات مكونات البلاد وتجيرها لما يخدم مصالحها، الجميع، مدعوون اليوم للتوافق، نسيان المظلوميات والتباكي على من يمكن أن يقود منفرداً دون الآخرين، التصالح مع أنفسنا، لا سيادة لأحد على الآخر والتحلي بالحكمة والشجاعة معاً للقبول ببعضنا، مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات. 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك