المقالات

اربعون يوما على العروج..صالح البخاتي مسيرة الاباء

3151 2016-08-03

عبدالله الجيزاني

بين عام 1979 و1980، بدأت الاحداث في العراق تتسارع بشكل واضح، النظام بدأ في تنفيذ مخطط مرسوم ومعد سلفا في الدوائر الغربية، لمواجهة انتصار الثورة الاسلامية في ايران، كان من مرتكزات هذا المخطط ضرب المعارضة للبعث ولو كانت قلبيه! شن النظام حملة شرسة ضد رجالات الحوزة العلمية والشباب الإسلامي، بين تسفير واعتقال واعدام.

 اطلق الشهيد السيد محمد باقر الصدر فتوى الكفاح المسلح ضد النظام، وشكل لهذا الغرض حركة مجاهدي الثورة الاسلامية، كلف السيد عبدالعزيز الحكيم بقيادة هذه الحركة التي تمكنت من توجيه ضربات موجعة للنظام، ابرزها تفجير وزارة التخطيط وعدد من الاماكن الحيوية، الغيت على اثرها قمة دول عدم الانحياز، الذي كان يعول عليها النظام كثيرا في التحشيد لغزو اراضي الجمهورية الاسلامية.

هناك في اقصى جنوب العراق، ضمن قرية منسية، كان مجموعة من الشباب تتحسس الام الوطن،  بينهم فتى يبلغ الرابعة عشر من عمره، يتيم الاب، ادرك مبكرا، ان الحسين نهج وطريق والوطن قضية، ولا تحل القضية الا بسلوك الطريق والنهج.

صالح البخاتي امتلك مواصفات القائد، لذا بدأ مع هؤلاء الشباب بتنفيذ عمليات محدودة ضد النظام، الذي ادرك هو الاخر، ان القيادة في النجف الاشرف تستمد قوتها من رجال يبعدون عنها جغرافيا، لكنهم يمتلكون من الولاء والوفاء ما يمكن ان يهد اركان النظام، لذا كرس النظام قوته في جنوب العراق لاستهداف العشائر والشباب الواعي.

ادركت اسرة البخاتي؛ ان رحلة المواجهة مع النظام، لابد منها، عندها تمت الهجرة الى الجمهورية الاسلامية، صادف وصول الاسرة الى هناك، أن السيد محمد باقر الحكيم؛ بدأ بتشكيل الجناح العسكري للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية، فكان البخاتي واخوته الثلاثة اول من انضم لهذا الجناح.

 بدأ صالح البخاتي يلفت نظر قائده الحكيم، بنزاهته وشجاعته وصدقه ووعيه وادراكه، ليصبح من مقربي القائد وثقاته، كلف البخاتي بقيادة العمليات الجهادية في الأهوار، اوجع النظام بضرباته واخوته المجاهدين، فكلما اغلق النظام ثغرة كان ينفذ منها المجاهدون، تمكن البخاتي من ايجاد بديل لها، هكذا استمر البخاتي بعلاقته مع اهوار العراق، الذي كان يفضلها على ارقى الاماكن السياحية على وجه الارض، كيف لا؛ وهو يجسد فيها امامه وسيده ومعشوقه الحسين في رفض ومواجهة الباطل.

 عام 2003، عاد صالح البخاتي الى ارض الوطن، ليعتقل من جديد من قبل جهاز المخابرات، الذي كان يدار من قبل المحتل  بنفس الضباط الذي قض البخاتي مضاجعهم بالأمس، اثناء التحقيق كان البخاتي يتحدث بثقة حيرت مستجوبيه، لم يداهن ولم يبرر، حاولوا تأخير اطلاق سراحه عن المجموعة التي اعتقل معها، للضغط عليه او كسر الثقة العالية التي هزمت ضباط التحقيق، لكن هؤلاء لم يدركوا؛ ان البخاتي تمكن من كسب بعض ملاكاتهم للتواصل مع قادته، حتى قام عزيز العراق باستدعاء رئيس الوزراء في حينه، والضغط عليه، لغرض الافراج عن البخاتي فورا، ليخرج مواصلا جهاده في بناء الدولة ورسم اسس انطلاقها.

 هدد الدواعش مرقد عمته زينب، كما اخبرته عليها السلام بالحلم، شد الرحال ليدافع عن ضريحها المشرف، ليعود مع سقوط ثلثي البلد، بيد الدواعش ليبدأ رحلته نحو النهاية التي طالما تمناها.

حلت ظهيرة 21/6، ليصلي فريضتها  وتبل لحيته الشريفة بدموعه، متوسلا الى ربه بمعشوقه الحسين، ان يحقق امنيته، مع انتهاء الصلاة بلحظات جاءت الاستجابة، على يد شقي من الاشقياء، ليترجل البخاتي وتنتهي الرحلة، الذي بدأت قبل ما ينيف عن الاربعين عاما، يلفظ انفاسه الاخيرة في حضن ولده الاكبر مهدي، رحل البخاتي؛ ليخلف لوعة في صدر كل من عرفه وعرف حقه، عاش مع الحكيم واستشهد في درب الحكيم، فأبنته دموع الحكيم...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك