المقالات

هولاكو يعود مع أحفاده.

1842 2015-03-02

يتداول الناس مثلا مفاده : (إن التأريخ يعيد نفسه ) ولا يهمني من قال هذا المثل بقدر مايهمني إنه أصبح حقيقة واقعة حين غزا التتار الجدد الذين يطلق عليهم إسم الدواعش في عصرنا الحالي. وأوجه الشبه كبير بين ذلك الغزو التتري الذي قام به هولاكو للعراق عام 1258م وبين الغزو الداعشي بزعامة أبو بكر البغدادي في العاشر من حزيران عام 2014م . ولا أبالغ إذا ذكرت إن الغزو الداعشي فاق الغزو التتري في جرائمه ووحشيته ودمويته. لكن كلا الغزوين نشرا دمارا ورعبا قل نظيره في التأريخ.

فهولاكو دمر مكتبة بيت الحكمة التي كانت تحتوي على الآلاف من أنفس الكتب التأريخية والعلمية وفي جميع مجالات الحياة حتى آختلط حبر هذه الأعداد الهائلة من الكتب التي لاتقدر بثمن بدماء البشر التي سفكها التتار. وظهر ذلك جليا في نهر دجلة الذي شهد المأساة. حتى قيل إن الكثير من الناس عبروا على تلك الكتب لكثرتها. والدواعش فعلوا ذلك في الموصل حيث دمروا مكتبتها المركزية، وأحرقوا كتبها ومخطوطاتها النفيسة. ودمروا متحفها التأريخي وما يحتويه من لقى وآثار تؤرخ بالصورة المجسمة حضارة العراق التي هي أقدم وأعرق حضارة في التأريخ . ولو وصلوا إلى بغداد لفعلوا الشيء ذاته. وقد فر الملايين من الناس أثناء الغزوين حين تعرض سكان المدن والقصبات للقتل العشوائي على أيديهم حتى جثث القتلى لم تسلم من الحرق والتشويه. وقد بلغ عدد النازحين خوفا من البطش الداعشي البربري إلى مليوني إنسان فقدوا كل مايملكونه من متاع العمر في سويعات قليلة ، ووجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها يفترشون الأرض ويلتحفون السماء. وهم معرضون اليوم لأفدح الأخطار نتيجة قلة الرعاية ونقص الدواء والغذاء . 
ودمر التتار المساجد والمستشفيات والمكتبات والممتلكات وهاهم الدواعش يرتكبون نفس تلك الجرائم تماما حيث أحرقت المساجد والكنائس وآلاف المنازل والأوابد التاريخية . ونهبت المصارف والممتلكات العامة من قبلهم . وفرضوا الأتاوات الباهضة على من سلبوا بيته وهم يصرون على جرائمهم وتزداد بشاعتها بمرور الأيام. والإعلام الذي يساندهم يحاول التستر على جرائمهم حتى وصفهم أحد المتحدثين في محطة طائفية معروفة بأنهم: (أناس طيبون. ) وإنهم جاءوا(لإنقاذ أهل السنة من ظلم الشيعة.) وقد وصل هذا الإعلام الداعشي إلى أدنى درجات السقوط بإنكاره كل هذه الحقائق الدامغة التي شاهدها العالم.

لقد أثبت الدواعش بتعطشهم للدم البشري وكرههم للحضارة إنهم أحفاد التتار بحق. وكان المنظر الذي ظهروا فيه وهم يدمرون متحف الموصل وكأنهم أشخاص بدائيون خرجوا من كهوف العصر الحجري. وشر البلية إنهم ينسبون جرائمهم الفظيعة إلى الإسلام الذي هو رسالة السلم والمحبة والفضيلة واحترام الكرامة الإنسانية التي أنتهكها هؤلاء الأوغاد شر انتهاك. ومن جرائمهم البشعة المخالفة لكل الأديان السماوية والتي فاقت على جرائم التتار هي هتك الأعراض،وسبي النساء وإجبارهن على البغاء تحت مسمى ( نكاح الجهاد) وبيع الكثير منهن في سوق النخاسة وهي من أكبر جرائم العصر، وكاننا في عصر تجارة الرقيق. وقد اختفت أكثر من ألف فتاة إيزيدية لايعرف مصيرهن حتى اليوم.وجرائم أخرى تخالف كل قوانين الأرض والسماء كتجنيد الأطفال في صفوفهم وجعلهم ذباحين وقتلة من الطراز الأول. 

وعلى العالم المتحضر أن يقف وقفة جدية ضد هذه الجرائم النكراء ولا بد أن تتظافر جهود المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان مع الإنتربول الدولي لملاحقتهم والقبض عليهم في أي مكان من العالم ، وتقديمهم لمحاكمات دولية وإنزال القصاص العادل بحقهم وإيقاف خطرهم الذي يهدد البشرية وحضارتها ليكونوا عبرة لكل مجرم يتعدى على حرمة النفس البشرية بهذه الصورة المهينة.
إن حضارة العراق التي عمرها أكثر من سبعة آلاف عام وتسعى هذه الوحوش البشرية القضاء عليها وبيعها في السوق السوداء هي ملك العالم وليست ملكا للعراق فقط وعلى الذين يدعمون هؤلاء الأوغاد بالمال والسلاح أن يفهموا قبل فوات الأوان إنهم لايمكن أن يأمنوا شر هذا السرطان الذي بات يهدد الإنسان وحضارته في الصميم . لقد هب وعاظ السلاطين وعلى رأسهم شيخ الفتنة يوسف القرضاوي لإنقاذ تمثال بوذا في أفغانستان لكنهم صمتوا كصمت أبي الهول عن جرائم داعش الكثيرة ومنها تدمير آثار العراق في متحف الموصل وحرق أربعة من شبابها وهم أحياء لأنهم رفضوا تدمير مساجدهم وكنائسهم ومكتباتهم.

لقد عاد هولاكو وأحفاده إلى العراق.عادوا بكل أوضارهم وهمجيتهم وتقطر دماؤهم حقدا أسودا على البشرية جمعاء. ومعظم المراقبين الموضوعيين الذين لم تلوثهم الطائفية العمياء يؤكدون إن كل دولة في العالم ستدفع الثمن غاليا لو تقاعست عن صد هذا الوباء الخطير.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك