المقالات

" سيبقى الحسينُ ..صرحاً للكرامةِ ومنهلاً للعطاء "

1402 2014-10-29


كجدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..بل هو بعضُ جده ..أو ليس القائلُ فيه حسيٌن مني وأنا من حسين ؟ فإذا علمنا أن جدّه قد بُعث رحمة للعالمين كما بين ذلك القرآن الكريم ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) فحسينٌ عليه السلام أحد مصاديق هذه الرحمة بل له كفلٌ منها بإعتباره بعض رسول الله ص . ومنذ الخطوة الأولى لنهضته كانت أهدافه واضحة ولايلّفها الغموض ...وصرّح بها بكل وضوح (إني لم اخرج أشرا ولا بطرا ولاظالما ولامفسدا....إنما سبب خروجه هو لأمرٍ يهم الأمّة كلّها بل ينعكسُ إيجابا على الإنسانية جمعاء..خروج لأجل الإصلاح في إمة جده )... ولم يكن هذا الإصلاح هو إصلاحٌ مادي أو إقتصادي إو فيما يتعلّق بتنظيم العلاقات الأجتماعية وغيرها ...مع ان إصلاح هذه الأمور على درجة من الأهمية لايستهان بها ...لكنّها لاترقَ الى ماخرج من اجله الإمام الحسين وأراد إصلاحه ..الحسين خرج لإصلاح العقيدة الدينية ...وإعادة أمور الإسلام وعجلة الدين الى السكة الصحيحة ... فلقد لبس الإسلامُ كما يُلبس الفرو مقلوبا مثلما عبّر عنه الإمام علي عليه السلام ...وهذا هدفٌ يسمو على جميع الأهداف ..وترخص له المهج والأرواح .. لأنه يتعلّق بجوهر الإنسان الروحي وليس المادي ...فإذا صلحت العقيدة الدينية صلحت الأمور الأخرى ...وفسادها لايورث إلا مثل مايعيشه العالم اليوم من إضطراب وخوف وقلق بسبب فساد عقيدة المتدينين والذين لبسوا الإسلام بالمقلوب كلبس الفرو ...لذلك عندما إستقرّ الأمر بالحسين في طف كربلاء بدأ ببث خطاباته للأمة وأجيالها خاصّة وللإنسانية وأحرارها عامّة..خطاباتٌ كانت تملأها الحمية والتحدي والشموخ والرفض لكلّ مايمس بكرامة الإنسان ويخدش حريته وكبرياءه ...هيهات منا الذلة...كونوا احرارا في دنياكم ...لاأعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولاأقرُ إقرار العبيد ...وكثير من العبارات التي ترفع من شأن الإنسان الذي يتوق للرفعة والسموّ ..

وتحط من قدر العدو مهما تكبّر وطغى ... وكل كلماته كانت مرسلة للمؤمنين برسالة جده أولاً ...ولأحرار العالم المؤمنين بالحرية الإنسانية والتحرر من قيود العبودية بأسم الدين والقومية والعرق ثانياً.. ولكن ضاقت صدور الأمة (الإسلامية) بأهدافه النبيلة ورسالته الإنسانية ... ولم تتسع لها إلا نفوس الذين فتح الله أفهامهم وعقولهم ..ولم يؤمن برسالته إلا ثلّة قليلة من المؤمنين شاركوه الملحمة وقاتلوا بكل شرف وبسالة دونه ...مع إنهم قُتلوا جميعاً في طف الشرف والإباء.. طف كربلاء ..لكنّهم أسسوا مع سيدهم الإمام المعصوم صرحاً للكرامة تتعبّدُ به الأجيال وتجثوا على أعتابه الأبطال ..وصار منهلاً للعطاء...العطاء المستمر للإنسانية جمعاء..لكن الأمة التي أعرضت ونأت بجانبها ولم تُطع الحسين عليه السلام ..وتوهّمت أن طاعة يزيد فرضٌ ديني مهما كان سلوكه ودرجة إنحرافه عن الإسلام ! هذه الأمة كان نصيبها الخسران المبين ...خسرت دينها وكرامتها ..وخسرت حرّيتها ..عندما آثرت العبودية على التحرر من قيود الحاكم الفاسق ...وإنحازت لفتات موائد اللئام على نصرة الكرام...ولازالت أجيالهم تدفع ثمن ذلك الخنوع والتخاذل والإنحراف العقدي والتأسيس الإجرامي الذي أصبح وبالاً على العالم أجمع..فسلامٌ على الحسين الذي إغترف من بحر عطاءه وإباءه أحرار العالم الذين لاتربطهم به عقيدة دينية ..إنّما مبادئه وشجاعته ورفضه للظلم ودعواته الى نصرة المظلومين قد أسرت قلوبهم وقلوب المناظلين والمدافعين عن شعوبهم ..فهذا زعيم الهند الراحل غاندي يقول (تعلّمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر).. لم يُطلق غاندي هذا الشعار عبثا او متأثرا عاطفيا .. من المؤكد أنه فكر ملياً وبحث طويلا في سيرة هذا الإمام الثائر فوجد شعاراته تنسجم مع شخصيته العظيمة وجدها صادقة بالقول والفعل لذلك تملّكت وجدانه فأطلق كلمته المشهورة ...وغيره الكثير من ادباء ومفكرين وعلماء غربيين غير مسلمين ...قد قرأوا الحسين قراءةً دقيقة تفصيلية أجمعوا من خلالها على أنه أثرى الدين الإسلامي ونصح أمته برفضه بيعة يزيد ..ولكن متى تعيّ الإمة الإسلامية حقيقة النهضة الحسينة وتعيد قراءتها وتصحح مواقفها من هذا الصرح الرسالي العظيم ؟ علمها عند ربي....

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك