المقالات

ليلة سقوط جمهورية ... المالكي

1895 2014-09-09

ما الشعور الذي يمكن أن يُتخيل في ليلة مثل هذه الليلة ، ما الشعور الذي يمكن أن يحسه عراقي يشعر بأن هذه الليلة سيعيشها بلا دولة رئيس الوزراء المالكي ، نعم لقد أنزل الله الدين من السماء ، وطلب منا تطبيقه على الأرض ، وتطلب تطبيقه على الأرض دولة تقوم على هذا التطبيق .

وهذا هو الذي دعت إليه المرجعية الدينية لخروج المالكي من رئاسة الوزراء بعد فشله ، وهذا هو الذي جعل السياسيون يبيتون في حراك ويصبحون في حراك ، وهو الذي جعل التدخل الدولي والإقليمي يسهرون على هذه الدولة ، وكلما خبا نورها في شعلة انتقلت إلى شعلة أخرى .

وهكذا انتقلت من علاوي إلى الجعفري إلى المالكي إلى ألعبادي ، وهكذا ستستمر شعلة التداول السلمي للسلطة في العراق ،وهكذا يكون أخر مشاعل الديمقراطية بغداد ، ويكون أخر حامليها العراقيون . 

إحساس فريد يحسه ذلك كل عراقي ، فالديمقراطية ما زالت قائمة وستظل ، ولكن الدولة هذه الليلة ستتجدد ، ليعلم الجميع بزوال الديكتاتورية ، لن يخرج الصباح فيرفع علمها ، ولا يهتف لصنمها ، فأن خطرها قد زال ، والانقلابات العسكرية قد ولت ، وريح الديمقراطية قد بان ، ليؤمنوا بعد هذه الليلة .
تعلمون هذا الإحساس أتلمسه في ليلتي هذه .. إحساس أن توجد الروح ، ولا يوجد جسد تحل فيه ، إحساس أن يظل المعنى ، ويرفع الإطار الذي يحويه ، وإن لم يكن هناك أعظم من الديمقراطية مبدأ و تطبيقاً ، ولا أجل من دولة الديمقراطية جسدا وأطرا .. فإن هناك الكثير من المعاني التي تموت وتسقط بيننا كل ليلة ، لأنها لا تجد أجسادا نقية تحملها ، ولا أطرا واعية تحفظها .

الليلة تسقط في نفسي دولة الديكتاتورية .. نعم يتوارى الطغاة ، كل طاغية يجسد فيها هذا المعنى ردحا من الزمان .. يسقطون كلهم دفعة واحدة ،وترتفع روح الوطنية عنهم بضربة جناح واحد ، تحلق فوق رأسي ، يائسة من الهبوط قبل شهر من الزمن ، قد استنفرت الأيام كل ما لديها لإقامة هذه الحكومة ، قد تلمست كل السبل إلى تلك الحكومة ، وطرقت كل الأبواب إلى الأخرى ، وفي كل مرة تتقطع بي الحبال لم أكن أشعر هذا الشعور ، لأن الشعلة - شعلة الوطن - تنتقل في الصباح من يد هذه إلى يد الأخرى ، كما انتقلت شعلة الرئاسة تماما بتمام .

والليلة استبشرت من يد تحملها ، بكل واقعية استبشرت يدي من أن لا تتيه في يوم مفرح براية النصر المبين على الدواعش ، استبشرت من ذلك الصنم العنيد الذي تشبث بالكرسي بأنه رحل ، استبشرت بإعلان تشكيل الحكومة الجديدة ،فكان الاستيأس بعيداً عني .. وخيرا خطبت ... 
الآن .. والآن فقط ، يمكنني أن أنسى قليلا أمر هذه الحكومة أو تلك ، يمكنني أن أتمتع بالمعنى أكثر ، يمكنني أن أسرف في الأحلام أكثر وأكثر ، وأرفرف في عالمها أبعد وأرحب .
ورغم أنها مدة لن تتجاوز 30 يوم إلا أن هذا الخيار هو الخيار الوحيد والأمثل أمامي ، نعم هناك كم من الإنجازات لا يمكن أن تتحقق بدون حكومة قوية منسجمة ،وكان في قرارة نفسي أنه ما زالت لي حكومة قوية ، نسعى إلى إقامتها في الواقع ، ولكن الواقع أنني مع إقراري بالحالة الصعبة أمامها في هذا الميدان ، ستهزم الصعاب في كل الميادين ، ولن تجلب على فكرتي إلا النصر المبين.
في صباح الغد فقط وبعد هذه الليلة يمكنني أن أستقبل نبأ حصولي على الشكر ، لان الانتصار تحقق وزالت الهزيمة ، ولان الطائر الجميل حلق في ربوع بلدي .. يزغرد للتداول السلمي للسلطة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك