التقارير

ملامح استراتيجية جديدة إعادة هندسة الأمن الإقليمي بدأت من الدوحة.. واشنطن تخطط وتل أبيب تُنفذ


في لحظة بدت كأنها عابرة على شاشات الأخبار، انطلقت الصواريخ الإسرائيلية نحو الدوحة لتصيب مقرات قيل إنها تحتضن قيادات من حركة حماس. غير أن ما وصفه الخبير الأمني أحمد التميمي بـ"المفاجأة للرأي العام" لا يمكن فهمه بمعزل عن السياق الأعمق: فالضربة لم تكن، في جوهرها، سوى مدخلاً لإعادة صياغة معادلة القوة في الخليج. 

يوضح التميمي لـ"بغداد اليوم"، أن العملية "كشفت معطيات أخطر تتعلق بمسار الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة"، وهي معطيات تعيد إنتاج سؤال قديم بلسان جديد: هل يمكن أن يظل أمن الخليج خدمة مجانية، أم أن الوقت قد حان لتحويله إلى عقد مالي صارم؟

عندما صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كما ينقل التميمي، أنه "كلف وزير خارجيته بإتمام اتفاقية دفاعية مع قطر"، بدا وكأنه يفتح صفحة جديدة في دفتر العلاقة مع الخليج. هذه ليست مجرد جملة دبلوماسية، بل إعلان ضمني عن ولادة سياسة تقلب الموازين: حماية مشروطة بثمن. 

من هنا يتحول الحدث العسكري إلى أداة سياسية؛ فكما يشير التميمي، فإن "واشنطن تعمل على فرض اتفاقيات دفاع وحماية مع العواصم الخليجية تكون مشروطة بمقابل مالي". بهذا تصبح الصواريخ التي سقطت في الدوحة أشبه برسالة مشفّرة: إما أن تدفعوا ثمن الأمان، أو تتحملوا صخب الانكشاف.

التحليل لا يتوقف عند حدود الكلام، بل يتسع ليشمل موقف واشنطن الصامت من العملية. فـ"عدم إبداء واشنطن أي غضب من الضربة الإسرائيلية في الدوحة"، على حد قول التميمي، يعكس أكثر من مجرد برود دبلوماسي. إنه تعبير عن أجندة متعمدة تستثمر في الفوضى لإنتاج نظام جديد للعلاقات الأمنية.

محللون يرون أن هذا السكوت يوازي في رمزيته ما قاله ترامب قبل سنوات حين تساءل عن "جدوى توفير الحماية دون مقابل"، وهو تساؤل تحول اليوم إلى سياسة مُعلنة تتجسد في كل ضربة وصمت يحيط بها.

إن وضع هذه الأقوال في إطارها الأوسع يكشف أن ضربة الدوحة لم تكن رسالة لحماس وحدها، بل تحذيراً مبطناً للخليج بأسره. فمنذ لحظة سقوط الصواريخ، صار الأمن سلعة قابلة للتسعير، وأصبح كل تحالف تقليدي مشروطاً بتوقيع عقود دفاعية مُرهِقة.

وفي هذا السياق، فإن ما وصفه التميمي بأنه "معطيات أخطر لمسار الاستراتيجية الأمريكية" ليس سوى بداية طريق يعيد رسم حدود الحماية الأمريكية. هكذا تتحول الضربة من حدث أمني إلى لحظة تأسيس: إعلان غير مباشر أن زمن المظلّة الأمريكية المجانية قد انتهى، وأن الخليج يدخل طوراً جديداً عنوانه المال مقابل الأمان. وبذلك، يُعاد تعريف العلاقة بين واشنطن والعواصم الخليجية على أسس مختلفة تماماً، حيث لا مكان للوعود المفتوحة، بل لعقود مكتوبة بمداد السياسة وأثمانها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك