التقارير

العراق على خطى مصر ولبنان/ الحلقة الاولى.

1510 2021-07-04

 

د. عائد الهلالي ||

 

لقد كانت فترة الاربعينات والخمسينات من اخصب الفترات في تاريخ الشعوب والمنطقة العربية حيث بدأت تتشكل ملاح دوولنا وفق منظور عصري قائم على اساس مؤسسات رصين يحاكي ماموجود لدى نظرائنا  في دول العالم المتقدم فلم تكن الظواهر والامراض الاجتماعية والتي باتت الان جزء من تركيبة وثقافة الشعوب العربية والتي تفتك بنا معروفة او قد دخلت بعد فالقيم العليا والنظم  كانت حارس البوابة وهي من يشرعن حركة ووجود الافراد والمؤسسات ضمن اطار الدولة لا الارتجال والعشوائية فكانت النتائج بمستوى الطموح وبمستوى ما خطط له لا بل اصبح مثار حسد من قبل الاخرين لما لهذه النهضة من تهديد لمصالح الدول الكبرى في هذه البقعة من العالم والتي تحظى بموقع استراتيجي يتحكم بطرق التجارة العالمية لوفرة السواحل والتي تزيد على اكثر من (ثلاثة عشر ألف كيلومتر  ) كما انها تحتوي على مقدرات اقتصادية كبيرة جدا لايتوفر لغيرها فمن مصادر الطاقة الاحفورية الى مصادر الطاقة النظيفة و المتجددة الى المعادن والاجواء المعتدلة والتي تجعل منها مكان مثالي لتحقق الامن الغذائي لها ولباقي دول العالم كل هذه الامتيازات والتي اكتشف البعض منها حديثا وكذلك النهضة العلمية والثقافية والتي لازالت تطرز مكتباتنا الى الان بكم كيير جدا من هذا الارث العظيم كتب ورجالات وضعوا بصماتهم بأحرف من نور مضافا لها منظومة قيمة رصينة  جعلت الدول الاستعمارية تعيد حساباتها بشكل ونوع الانظمة السياسية الموجودة وقتذاك فأبتكرت لنا الانظمة الثورية الجمهورية وأطاحت بالحكومات التي كانت موجودة وهي الحكومات الملكية فأجهدتنا ..

اولا.  بصراع داخلي بدأ يمزق النسيج الاجتماعي والقيمي واستحدثت لنا انماط  من السلوكيات والعادات الجديدة اصبحت هي السائدة لانها كانت تعتبر سمة العصر وعلينا المواكبة فمنهم من يطالب بأممية القيم يساري التفكير ومنهم من يطالب بالنظم الليبرالية يمينية التفكير فنشأ صراع مابين الدول العربية على شكل ونوع النظم التي يجب ان تكون هي السائدة لا ان نبقى متمسكين بالماضي بحجة عدم  مواكبته للحاضر.

ثانيا. الصراع العربي الاسرائيلي والذي اتى على كل شيء فكان هو الاسفين الذي دق بيننا او هو القشة التي قسمت ظهر البعير .

فكانت حرب ٦٧ هي نقطة التحول الكبرى في تاريخ العرب والمنطقة  كما يقول الخبراء فالانتصار الذي حققته إسرائيل لم يكن عسكريا فقط واحتلال مساحات واراضي جديدة من مصر والاردن وسوريا ولبنان وكذلك ضم اراضي جديدة من فلسطين لم يوقف الحلم الصهيوني عند هذا الحد  بل ذهب إلى أبعد من ذلك ان تدمير مصر هو احد الاولويات الحرب التي استمرت ٦ ايام فمصر التي كانت قوة بشرية واقتصادية كبيرة يحسب لها حساب حيث كان سعر صرف الدولار يساوي ٣٠ قرشا اي ان الجنيه المصري يساوي ٣دولارات بدأ سعر صرف الجنيه يتغير ولو بشكل طفيف بعد الحرب فقد كانت خسائر مصر اكثر من ١١ مليار $ في هذه الحرب قد اثرت بشكل كبير على الاقتصاد المصري وبدأ الاقتصادي المصري يترنح بفعل الاستعداد لحرب اعادة الهيبة والاعتبار والثأر للكرامة والشهداء واستعادة الارض قابل هذا نزوح كبير من القرى والارياف وقد تكدست العوائل في العشوائيات في القاهرة والمدن الكبرى ونتيجة للبطالة والتي بدأت تستشري بين  شرائح ابناء العشوائيات  ولهذه العوامل وعوامل اخرى بدأت المرحلة التالية من تفكيك المجتمع المصري من خلال  الموجة الثانية من دخول المخدرات والتي ساهمت بها قوى دولية حيث تم استحداث واستقدام انواع جديدة منها فعندما كانت تقتصر على طبقات الشعب المترفة تغيرت المعادلة بشكل كبير جدا حيث اصبح استخدام المخدرات  ٦٠% من الفقراء و٣٩% للطبقة المتوسطة و١% للطبقة المترفة وقد توفرت باسعار تتلائم مع دخل الفرد المصري ونتيجة لهذا التردي المخيف أنحسر دور الشعب المصري كفاعل مهم في رسم السياسات العربية وسياسة المنطقة الى اداة لتمرير المخططات الدولية فكان لهم ما ارادوا حيث خرجت مصر من الصراع العربي الاسرائيلي وتساقطت الدول بعد الواحدة تلو الاخرى الا بعض الدول والتي ترفض التطبيع مع الكيان الصهيوني وترفض المشروع الجديد والذي يحول المنطقة الى سوق عالمية بديلة لاوربا وعليه يجب اختزال الوقت وبذل الجهود والاموال من اجل ان تصعد  الدول قطار المشروع الجديد والذي بقيت مصرة على عدم الامتثال لرغبة اللاعبين الكبار من فواعل السياسة الدولية في ركوب الموجة وهنا لابد من استهداف العراق كدولة خارجة عن الشرعية الدولية من وجهة نظرهم وعليه لابد ان تكون عملية التدمير ممنهجة وضمن اطار زمني فكان انقلاب ٧٩ والمجيء بصدام كذلك حرب الخليج الاولى  العراق مع ايران ثم الثانية العراق واحتلال الكويت ثم الحصار وتداعياته المديرة والتي ساهمت وبشكل كبير في  استنباط نظم قيمية جديدة اصبحت هي حجر الزاوية في ثقافة العراق مابعد حرب الخليج الثالثة واسقاط نظام صدام فالرشوة والفساد والمحسوبية لم تكن من نتاج ٢٠٠٣ بل ان الاحداث المتلاحقة قد ساهمت في تبني الطبقة السياسية لهذا النوع من الثقافة فأنهار ما تبقى  من قيم حاكمة ورثناها من الحقب التي سبقت حكم البعث وتفشت الامراض والظواهر الاجتماعية الوافدة لتأتي على كل شيء كما حصل في مصر والتي تعاني والى اليوم من عدم وضوح النظام السياسي الحاكم وغياب التخطيط السليم والتخبط والمجيء  بطبقة سياسية  غير واعية وغير مثقفه اوصلتها الى هذا الحد فمصر ليست بالدولة الفقيرة كما يوسوق لها لكن غياب الادارة الصحيحة للثروات  وعدم تكدسها بيد طبقة واحدة وتوزيعها بشكل عادل كذاك الرغبة في اصلاح مفاصل الدولة ومؤسساتها بشكل جذري ممكن ان يعيد البوصلة لها كقوة يحسب لها الف حساب فهل السياسي والفرد العراقي قادر ان يقرأ المشهد المصري بشكل صحيح ودقيق ويتجنب السقطات.. هل تشكل لدينا  او لدى طبقتنا السياسية وعي سياسي عالي من اجل تشخيص العلة وإيجاد الحل.

انتظرونا في الحلقة القادم . النموذج العراقي واللبناني قراءة من زاوية خاصة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك