التقارير

ماذا وراء تعليق العمليات الروسية من المطارات الإيرانية؟

1988 2016-08-22

من الصعب أن نتحدث عن غضب ما اعترى أجنحة معينة في طهران لأسباب خاصة لكي تعلن إيران فجأة عن تعليق الطلعات الروسية من مطاراتها.

في 16 أغسطس/ آب الجاري أعلن علي شمخاني أمين مجلس الأمن القومي الإيراني عن وجود تعاون استراتيجي بين موسكو وطهران لمكافحة الإرهاب في سوريا، وأن "البلدين يتبادلان الإمكانيات والقدرات في هذا المجال، مشددا على بدء عمليات جديدة واسعة النطاق ضد الإرهاب".

وفي الحقيقة، لم يتحدث شمخاني عن وجود أي قواعد عسكرية لروسيا على الأراضي الإيرانية. ولم تتحدث روسيا أيضا عن ذلك. غير أن وسائل الإعلام كالعادة، تعاملت ببساطة وسطحية مع الأمر، واستخدمت مصطلحات تعكس حالة الاستسهال، واصفة ما يجري بأن روسيا تتمركز في قاعدة عسكرية إيرانية.

بعد أسبوع واحد فقط من بدء استخدام روسيا المجال الجوي الإيراني والتزود بالوقود، أكد الناطق الرسمي باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أن روسيا لا تملك قاعدة عسكرية في إيران، لافتاً إلى أن استخدام الجانب الروسي لقاعدة همدان يمثل أمرا مؤقتا لا يلبث أن ينتهي. وإذا كان قاسمي قد أوضح أنه "من المقرر عندما تنتهي عملية استخدام القاعدة أن يعلن الطرفان ان العملية قد تمت"، فهذا يعني أن هناك اختلاف ما بين موسكو وطهران على تفاصيل معينة، وأن الطرفين يتحدثان حول هذه التفاصيل في الوقت الراهن.

إيران أكدت أن "روسيا ليس لها قاعدة عسكرية أو تواجد عسكري في إيران، وأن التحليقات الروسية هي عملية مشتركة وستنتهي في القريب العاجل". ما يعني أن طهران لا تزال تؤكد على أن "هذه العملية مشتركة" وليست للجانب الروسي وحده. غير أن المثير للتساؤلات هنا، هو تصريح قاسمي بأنه "لا وجود لأي اتفاقية بين البلدين حول استخدام القاعدة"، لكنه وصف العلاقات الروسية-الإيرانية، ولاسيما في المجال العسكري بأنها استراتيجية. وهو الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات حول "الصيغة" التي تم التوافق عليها بين موسكو وطهران لإجراء عمليات مشتركة باستخدام المجال الجوي الإيراني والتزود بالوقود، ولماذا تراجعت طهران عنها، وبهذه الطريقة؟!

هل جرت تطورات جديدة في مواقف ما بشأن الدور الإيراني في سوريا؟ هل لعبت وسائل الإعلام دورا في "تسخين" قطاعات وتيارات قومية ومتشددة في الداخل الإيراني عندما تم استخدام عبارة "قواعد روسية في إيران"؟ هل ظهرت طلبات ما جديدة من جانب طهران، ورفضت موسكو تلبيتها؟ أم قامت أطراف ما بالضغط على إيران لكي تغير موقفها من التعاون مع روسيا في مكافحة الإرهاب؟

تساؤلات كثيرة تظهر على خلفية تصريحات قاسمي الذي أكد على أن "مواقف روسيا وإيران من أساليب محاربة داعش، قريبة جدا. وأن تطورات الوضع في المنطقة تكتسب أهمية حيوية بالنسبة لإيران، التي يرتبط أمنها القومي بالوضع الإقليمي". أي أن المواقف "متقاربة" وليست "متطابقة" أو "متشابهة". ما يعني شئنا أم أبينا وجود خلافات حول قضايا معينة، على رأسها حجم الدور الإيراني، وطموحات طهران في مساحة أكبر.

التصريحات الإيرانية تصب في اتجاه واحد:

-استخدام موسكو للقاعدة أثار انتقادات بعض البرلمانيين الإيرانيين الذين قالوا إنه يمثل انتهاكا للدستور، وهذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها قوة أجنبية قاعدة جوية إيرانية منذ الحرب العالمية الثانية.

-رفض وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان انتقادات البرلمان، مؤكدا: "لم نمنح أي قاعدة عسكرية للروس ولما يأتوا ليبقوا.. وأنه لم يكن هناك أي اتفاق مكتوب بين البلدين وأن التعاون في العمليات أمر مؤقت ويقتصر على التزويد بالوقود". لكنه من جهة أخرى، وجه اللوم لموسكو لإعلانها عن الأمر واصفا ذلك بالتفاخر.

كل ذلك يعطي انطباعا بأن إيران كانت تتصور أنه يمكن إخفاء مثل هذه الأمور، وأن تحليقات القاذفات الروسية ستكون سرية! لكنها اكتشفت فجأة أن "تطورات الوضع في المنطقة تكتسب أهمية حيوية بالنسبة لإيران، التي يرتبط أمنها القومي بالوضع الإقليمي"!

الموقف الإيراني، وعلى الرغم من تصريحات شمخاني أعلاه، مثير للتساؤلات. ويبدو أن هناك ضغوطا ليس فقط من الداخل الإيراني وانقسامات بشأن هذه العملية تحديدا، بل وأيضا هناك ضغط من خارج إيران، إقليمي أو دولي. إضافة إلى أن هناك تفاصيلا ما لم ترض طهران، لكنها تتكتم عليها.

أشرف الصباغ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك