التقارير

تركيا، التفجيرات، الطائرات الروسية!

2448 2015-10-15

ضياء المحسن

بدت التفجيرات الأخيرة التي هزت تركيا، وراح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى؛ رسالة واضحة وقوية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فبعد شهر عسل دام لفترة غير قصيرة مع التنظيمات الإرهابية (داعش وبقية التنظيمات الإرهابية) والتي كان يقوم فيها الرئيس التركي بدور الوسيط، وجعل من بلده مررا سهلا لعبور المقاتلين والمؤن لهم، تبين هذه التفجيرات إنفصام عرى العلاقة التي كانت تربطهم ببعضهم.
تبريرات كثيرة خرجت من مسؤولين أتراك، تلقي المسؤولية على هذا الطرف أو ذاك، بما يؤشر على كثرة أعداء الرئيس التركي، فمرة يتم إتهام حزب العمال الكردستاني، وأخرة يكون المتهم تنظيم داعش الإرهابي.
بغض النظر عن صحة إتهام هذا الطرف أو ذاك، فالحقيقة الوحيدة التي تقف شاخصة أمامنا، هي دخول تركيا في مرحلة جديدة، سيكون المتضرر منها هو الإقتصاد التركي، بسبب عزوف السياح عن التوجه لهذا البلد (الإيرادات في قطاع السياحة تتجاوز ال30مليار دولار سنويا)، لكن الأهم من هذا كله هو، من هو المستفيد من هذه التفجيرات، ولماذا في هذا الوقت بالذات؟
لا يمكن إلقاء اللوم جزافا على هذا الطرف أو ذاك، ذلك لأن تصرفا الرئيس أردوغان جعلت كثير من اللاعبين في المنطقة، يعتبرون هذه التصرفات إستفزازية لهم، فالأكراد يعتبرون سماح تركيا بعبور الإرهابيين الى سوريا، مؤشر لعداوة تركيا لهم، وكذلك عدم موافقتها لقيام دولة كردية في سوريا، أيضا يعد مؤشر أخر لهذه العداوة، لكن ما يبعد الشبهة عن الكورد؛ هو وقوع ضحايا أكراد ضمن هذه التفجيرات.
أشد التصريحات خرجت على لسان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، والتي يتهم بها تنظيم داعش؛ بأنه هو وراء تلك التفجيرات، ولعل الأسباب التي أمامنا تؤيد تلك التصريحات، منها أن تركيا أخذت تدعم تنظيمات منافسة لتنظيم داعش في سورية، منها تنظيم (أحرار الشام) وتنظيم (جيش الفتح) الجناح العسكري له، كما أن تركيا إحتجت لدى روسيا على تركيز هجماتها على (التنظيمات الجهادية المعتدلة بحسب قوله) في حين لم تركز في قصفها الجوي على تنظيم داعش، الأخطر من ذلك، هو قيام الشرطة التركية بإلقاء القبض على ما يسمى بالخلايا النائمة لتنظيم داعش الإرهابي في تركيا، الأمر الذي فك عرى الصداقة بينهما.
من هنا يتبين لنا كثرة أعداء تركيا، بسبب سوء تصرفات قادتها، وما زاد في الأمر سوءا هو سحب الولايات المتحدة الأمريكية لصواريخ باتريوت من قاعدة أنجرليك التركية، الأمر الذي يسمح للطائرات الروسية بإختراق المجال الجوي التركي بدون تهديد مباشر من هذه الصواريخ، وقد يكون ذلك متعمدا من قبل الولايات المتحدة، في محاولة لرسم خريطة جديدة للتحالفات في المنطقة، فالأخيرة لا تستطيع إغضاب حلفائها في المنطقة وأبرزهم دول الخليج العربي، والتي تجاهر بمعادتها لنظام بشار في سورية، وتساعد سرا من يريد إسقاط التجربة الديمقراطية في العراق، لذلك فإن دخول روسيا على خط الأزمة؛ سيبعد الحرج عن الولايات المتحدة، بالإضافة الى رفع الكاهل عنها فيما يتعلق بنفقات هذه الحرب التي لا يعرف الى اي مدى ستطول.
من هنا يمكن القول بأن التفجيرات الرسالة قد وصلت للقادة الأتراك، والتي نأمل أن تتم قراءتها بصورة جيدة، وإستخلاص النتائج من هذه التفجيرات، بما يحقق الأمن والسلم في هذه المنطقة التي لا تحتمل مزيدا من التعقيدات.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك