التقارير

الشهيد نزار الراضي .. اللحظات الأخيرة في حياة شاب عراقي لامع


روت أسرة وزملاء الشهيد الصحفي نزار الراضي، مراسل الوكالة المستقلة للأنباء ( أصوات العراق) في محافظة ميسان، اللحظات الأخيرة في حياة فقيد الصحافة الشاب... وحكوا كيف كانت علاقاته بزملائه شفافة وصادقة وودودة، تماما كنزاهته وصدقيته المهنية والنقابية .

ودع (نزار) أطفاله الثلاثة، صباح أمس الأربعاء، بعد أن قبلهم واحدا تلو الأخر... ووعدهم بأن يجلب لكل منهم، عند عودته مساءً ، ما طلبه من أشياء تشبع دهشة الطفولة.. وترضي عاطفة الآباء ، ولم ينس (نزار)، وهو يفضي إلى الشارع الضيق من بيته البالغ البساطة المكون من غرفة واحدة وملحقات ضرورية، أن يرسم ابتسامة المعهودة وهو ينظر إلى الخلف كعادته على زوجته الحبيبة .

لم يدر بخلد ( أبو سيف) أن حفنة من المجرمين تترصده... تماما مثلما لم يدر بخلد ( أم سيف) إنها الابتسامة الأخيرة التي تراها على شفاه زوجها الحبيب، لأنها تعرف تماما أن هذا الصحفي الشاب الواعد لايثير عداوة أحد... لشفافيته وحبه المفرط للآخرين، وحب الناس له، بالرغم من الأخبار التي تسمعها يوميا وتشعل قلقها عن خطورة مهنة الصحافة .

يقول جمال الهاشمي، رئيس اتحاد أدباء ميسان، لـ ( أصوات العراق) اليوم الخميس "كان نزار مثالا للصحفي الصادق والنزيه، المحبوب من الجميع... فلم أسمع عنه في أي يوم من الأيام أنه أثار صخبا أو خلف عداوة."وأضاف الهاشمي "كان من الشباب المجدين والمجتهدين الذين يدركون أهمية الكلمة وقداستها، وكان من أهم الرموز الصحفية في ميسان... ووصف دائما بحياديته وأدائه الصحفي الملفت للإنتباه، وأسس بمثابرته وجهده المتميز لتشكيل رابطة الصحفيين الشباب في ميسان... والتي أصبحت من المنظمات المهنية الواعدة."

وسع ( نزار ) خطاه واستعجل قليلا، فثمة ورشة للصحفيين تقيمها ناشطة نسويه قادمة من البصرة... وهو قد تأخر عن موعد بدئها، وذلك ليس من عادته . وعلى إيقاع خطاه المتسارعة، يبدو أنه كان يخطط لتنفيذ الفكرة التي طرحها على زملائه قبل ساعات... وهي عمل تحقيق  صحفي عن الحركة النسوية في ميسان، فقد كان يقول دائما "إن المرأة في مجتمعنا تحتاج إلى من يأخذ بيدها... وتستحق كل احترام وتقدير."

وصل ( أبو سيف) إلى فندق (الأعراس) الذي تقام فيه الورشة، ودلف بسرعة إلى القاعة التي تقام بها ورشة العمل .يقول سعد حسن الصحفي في جريدة (الصباح) الذي كان مشاركا في الورشة "حضر الزميل نزار متأخرا قليلا، وبعد أن طرزت روحه المرحة وقفشاته المحببة عمل الورشة... خرجنا في حوالي الساعة الحادية عشرة."وأضاف حسن " كان الزميل نزار خلفنا بمقدار عشرة أمتار، ووقف يتحدث مع مسؤولة الورشة ( زينب صادق) في شارع (دجلة) قرب فندق الأعراس... وفجأة سمعنا صوت الرصاص يلعلع حولنا، فإنكفأت أرضا... وكذلك بقية الزملاء، وكان هناك ثلاثة من المسلحين بلحى كثيفة ويرتدون ملابس بيضاء... وترجلوا من سيارة (بيك أب) حديثة، شاهرين مسدساتهم... وبدأوا يطلقون الرصاص دون توقف نحو الزميل نزار ونحونا."

ولفت شاهد العيان إلى أن أغلب المسدسات الثلاثة "صوبت نحو الزميل نزار، وبعد أن أفرغ المسلحون نيران أسلحتهم... استقلوا سيارتهم بكل بساطة، دون أي تدخل من رجال الشرطة الذين كانوا على مقربة من مكان الحادث."وقال حسن " توجهنا إلى نزار، الذي كان منبطحا على الأرض، ظنا منا أنه أصيب بجرح بسيط... لكن للأسف وجدناه غارقا في دمائه وقد فارق الحياة." كان مع الزميل الراحل أكثر من خمسة صحفيين، منهم سعد حسن مراسل (الصباح) وحيدر الساعدي مراسل (راديو المربد) وأحمد البهادلي وآخرين .

يقول حيدر الساعدي " كنا قد خرجنا للتو من (فندق الأعراس) في شارع دجلة، بعد أن فرغنا من ورشة الصحفيين... وفجأة إنهمر سيل من الرصاص خلفنا، وبعدها رأينا الزميل ( نزار) وقد سقط على الأرض مضرجا في دمائه الطاهرة." وأضاف الساعدي " كان نزار ناشطا في منظمات المجتمع المدني، وصحفيا ممتازا ونزيها إلى أبعد الحدود... ولا نعرف سببا لإستهدافه."

أما الصحفي أحمد البهادلي، فلم يستطع الحديث جراء صدمته وشعوره العميق بالحزن .والشهيد نزار الراضي من مواليد ميسان في (29/2/ 1969) ، وحاصل على شهادة البكالوريوس في الآداب، وهو متزوج وأب لثلاثة أطفال.

وشارك المئات من مثقفي وصحفيي ميسان ومواطنيها في تشييع جثمان الفقيد الراحل أمس الأربعاء، بعد أن صدمهم خبر اغتيال أحد فرسان الكلمة الصادقة الحرة الشريفة . وبدلا من يعود ( نزار ) في المساء إلى أطفاله الثلاثة بالحلوى ولزوجته الموعودة بابتسامته الدائمة، عاد قبل الأوان إلى بيته المتواضع في ذلك الزقاق القديم الذي ضاق بأحلامه وحبه الكبير للوطن... محمولا على الأكتاف، وملفوفا بالعلم العراقي... والجميع غير مصدقين ما حدث، ويتساءلون: ماذا جناه هذا الشاب اللامع... وماذا جناه الآلاف غيره من شباب هذا الوطن، ومتى ينتهى هذا الكابوس الجاثم على أنفاس العراق والعراقيين...؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ام هاشم
2007-06-08
رحمك الله يا شهيد يا بطل انت وامثالك من المظلومين العراقين ندعوا الله ان يدخلك مع الشهداء كربلاء ولاهلك الصبر ماذا نكتب ونقول الله اكبر على العرب والبعثيه والارهابي وكا من يغطي على هذه المقاومه اللقيطه نقول الموت لنا عاده وانشاء الله كرامتنا من الله الشهاده والله يدمي القلب على شبابنا الصحفيه الحيدري الشهيده والله قلوبنا تتمزق ماذا نقول للحكومه المنتخبه اين قانون الارهاب في خبر كان اين القضاء يا مالكي نحنوا نقتل والقتل في فندق 5 نجوم(المعتقل) نريد حكم الله بالمسؤلين المؤيدين والمشجعين للارهاب
نصير الكيتب
2007-06-02
تحية وسلام ...الف رحمة وغفران على روحك الطاهرة يا نزار ابعثها من سويد الغربة ...لقد ترقرقت عيوني وانا اقرأ الفاتحة رغم انني لم اعرفك يوما ...الصبر والسلوان لامك وجميع امهاتنا العراقيات ...السلام على العراق
حياة البيضاني
2007-05-31
رحم الله الشهيد والهم ذويه الصبر والسلوان ونرجو من كل من يقرا المقالة ان يقرا الفاتحة على روح الشهيد الذي كان ابا واخا وولدا لام ثكلى بابن لها من قبل وزوج من قبلهما وباربع اخوات يتيمات اعانهم الله على ما اصابهم ولي سؤال واحد لكل المسؤولين في العمارة هل تبخر قتلة نزار ام انهم نزلوا من السماء وعادوا اليها بعد ان رموا به خلف الحياة ووالله لا استطيع ان انظر الى صورته لحظات حتى لا اتمالك نفسي من البكاء على هذا الشاب الذي تحمل من مصاعب الحياة ومسؤولياتها ماجعله ينظر في هذه الصورة نظرة عتاب وحزن شديد
السيدة ام حازم
2007-05-31
انى احس ان عقلى توقف عن التفكير . عندما قرات التقرير . عن اللحظات الاخيرة فى حياة الصحفى الشهيد نزار الراضى .ثلاثه رجال ملتحين قتله. يطلقون الرصاص فى وضح النهار والشرطه من قربهم . وهم فى سياره بيكب اب. هل تبخرو هولاء المجرمين ؟؟هل صعدو بصاروخ الى السماء؟؟؟؟؟؟ لماذا هذا الاستهتار بحق مثقفينا الذين نحن احوج اليهم فى هذا الظرف العصيب.
Omar Basim El-JANABI
2007-05-31
لماذا يا ساعدي لا تعرف لماذا استهدفوا الراضي ... ألم تقل كان نزيهاً ؟... فهذا يكفي لإستهدافه...لعن الله أمريكا وكل صدامي و طائفي...من قتلك يا الراضي يريد قتل العراق ... و عندي سؤال: من يقتل الأطباء واساتذة الجامعةفي الموصل ؟ هل هم الشيعة يا طائفيون؟ الدماء التي تخضب ارض العراق كلها باعناقكم ... و لن يكون مصيركم غير مزبلة التاريخ اسوة باسلافكم لأنكم ارتضيتم لأنفسكم أن تكونوا أداة طيعة بيد سجوده و رغــد ...اللهم ارحم شهداء العراق و العن أعداءه.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك