المقالات

ابو ياسين ...عزالدين سليم العروج الاخير

296 2025-06-03

علي هادي الركابي

في التجارب الانسانية الكثيرة التي مرت على الانسان ، وفي في خضم الصراع بين الانسان والمجتمع ، يجب على الشخص الواعي وصاحب البصيرة والذي يمتلك التحليل الموضوعي للاحداث ان يكون مستعدا لخسارة كل العالم مقابل ان لايخسر ضميره ، فالضمير هو الطريق الذي يجب ان يسلكه الانسان المنصف للشخوص والاحداث، والفصل ما بين هو حقيقي او ظاهري ، هذه الحقيقة واجهتني وانا اغوص في بحر الشهيد الكبير الحاج ابا ياسين ، عزالدين سليم او عبد الزهراء عثمان الحجاج .

ولد عبد الزهراء عثمان محمد عام 1943. وكانت ولادته في قرية (الهوير) التابعة الى محافظة البصرة ، دخل بين الرابعة والخامسة من عمره في الكتّاب لتعليم القرآن، حيث لم يكن في منطقة (الهوير) وما حولها من القرى القريبة مدرسة ابتدائية ولولا الكتاتيب القليلة، لانعدمت القراءة والكتابة. وفي عام 1952م أسست الحكومة «مدرسة الهوير الابتدائية» ودخل فيها في الصف الأول الابتدائي، وبعد إكمال دراسته الابتدائية انتقل إلى مدينة القرنة التي تبعد حوالي 30 كم عن محل سكنه. أكمل الدراسة في قضاء القرنة، وحصل على شهادة المتوسطة. ولم يكن في البصرة يوم ذاك جامعة، وإنما على الطالب البصري إذا أراد أن يكمل دراسته الجامعية أن يذهب إلى بغداد، مما اضطره إلى الدراسة في دار المعلمين. أنهى دراسته الأكاديمية عام 1964م ومارس مهنة التدريس في العراق والكويت في عام 1965م إلى عام 1980م، حيث درّس العربية والتاريخ والاجتماعيات في المدارس وعلى مراحل مختلفة.

اهتم بالتأليف والتثقيف، وكتابة المقالات العلمية منذ عام 1967م، حتى صدر له أول كتاب عام 1969م، بعد مشاركته في مسابقة التأليف العالمية عن سيرة الصديقة فاطمة بنت الرسول، حيث فاز كتابه الزهراء فاطمة بنت محمد بالجائزة الثانية .حت ى وصلت مؤلفاته الى اكثر من ثمانين نتاجاُ توزعت بين السيرة، العقيدة، التاريخ، السياسة، والثقافة العامة ، انتمى في أثناء دراسته الأكاديمية إلى الحركة الإسلامية، إذ مارس العمل السياسي التنظيمي منذ بدايات شبابه، وسجن مرات عديدة أيام حكم حزب البعث للعراق، حتى صدر عليه حكم الإعدام، مما اضطره إلى مغادرة الوطن وممارسة نشاطه العلمي والسياسي خارج العراق بأسماء مستعارة، كمحمد أبو المجد وفرج الله منتظر وعبد الله سعيد العبادي ومحمد مزهر وأشهرها عز الدين سليم . وفي عام 1961م، عمل عز الدين سليم ضمن تنظيم (الدعوة الإسلامية) في العراق الذي عرف إعلامياً بحزب الدعوة فيما بعد وتدرج في التنظيم حتى أصبح أحد قيادييه. في عـام 1975م اعتقل في محـافظة البصـرة ونقـل إلى مديريـة أمن الديوانية بتهمة انتمائه للتنظيم المذكور ثم أطلـق سراحه بأعجوبة بعد عدم التعرف على شخصيته، وطُورد في نهاية نفـس العام مرة ثانية، ممـا اضطره إلى الهجرة خارج العراق. غادر العراق إلى الكويت سراً وعاش فيها خمس سنوات وباشر العمل ضد النظام العراقي آنذاك مع عدد من الناشطين العراقيين منهم السيد هاشم الموسوي ، وبعد انكشاف عملهم غادر إلى إيران في بداية عام 1980م.

في عام 1980م ظهرت اختلافات في قيادة الدعوة، فشكّل عز الدين سليم ومجموعة من العاملين (حركة الدعوة الإسلامية)، فكانت هذه السنة انعطافا مهما في حياة الحاج ابو ياسين ، بعد تاسيس المجلس الاعلى عام 1982 اصبح عضوا ومشرفا على اعلام المجلس الاعلى لمدة 15 عشر عاما . كان عضواً في الشورى المركزية للمجلس الأعلى أكثر من عشر سنوات، ومسؤولاً لللجنة الثقافية المركزية في المجلس ، ترك العمل في المجلس الأعلى عام 2001م.

عاد إلى العراق في 17/5/2003م وقد استقبل استقبالاً حاشداً من قبل الجماهير اصبح عز الدين سليم عضواً في مجلس الحكم العراقي منذ تأسيسه حتى اغتياله ، كان أحد المؤسسين للبيت الإسلامي الذي تأسس في بغداد بعد سقوط النظام العراقي تسلم رئاسة مجلس الحكم العراقي في 1/5/2004م، أثر تصويت أكثرية أعضاء المجلس لرئاسته اغتيل عز الدين سليم في صباح يوم الاثنين المصادف 17/5/2004 في نفس التاريخ الذي دخل فيه العراق قبل عام.

نجح ابو ياسين في تكوين تاريخ سياسي اسلامي فريد في مساره اعتمد على علميته وثقته بالله وحبه لدينه ، جمع بين الجهاد والكتابة والدراسة وادارة الملف الاعلامي والاشراف عليه للمعارضة العراقية . اتخذ خطا سياسيا معتدلا وازن فيه بين المختلفين ايدلوجياً وجهاديا ،قاد الكثير من المفاوضات بين السياسين العراقيين المعارضين ، فاصبح خطا فريداً بذاته ، يجمع ابا ياسين بين المتخاصمين والمختلفات كثيراً . رحل ابا ياسين بعد ان ترك بصمة جديدة في سجل التاريخ السياسي العراقي جمع فيها بين التواضع والجهاد والتدين .ترجل وغادر بعد ان حاز درجات الجهاد والعلم ...والكرامة.. كاملة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك