منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011 تحوّلت البلاد إلى ساحة صراع معقّدة تتداخل فيها المصالح الإقليمية والدولية مما جعل الفوضى أداةً لإعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي في المنطقة.
فقد استغلت إسرائيل هذا الوضع لتعزيز نفوذها مستفيدةً من تفكك الدول العربية المحيطة بها ، بما يحقق مصالحها الاستراتيجية .
لكن ما هو دور الصهيونية في تأجيج الفوضى ؟
تُعَدّ الصهيونية عاملاً رئيسياً في إشعال الفتنة الطائفية داخل سوريا ، حيث تسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية وأمنية عبر تغذية الصراعات الداخلية .
فقد أشارت تقارير صادرة في ديسمبر 2024 إلى أن الفوضى في سوريا تُدار وتُستغل بشكل منسّق يخدم المصالح الإسرائيلية ، لا سيما من خلال دعم أطراف متصارعة بشكل غير مباشر .
كما أوضحت مراكز الفكر والدراسات الاستراتيجية في تقريرها خلال الشهر ذاته أن سقوط النظام الحالي قد يُمكّن إسرائيل من توسيع نفوذها في ظل استمرار الاضطرابات الأمنية والسياسية.
اما من حیث التدهور الأمني وتصاعد أعمال العنف ؟
شهدت سوريا خلال عام 2025 موجات متصاعدة من العنف والفوضى الأمنية حيث أوردت صحيفة “روناهي” في يناير 2025 أن أعمال العنف في شمال وشمال شرق حلب أدت إلى مقتل 420 شخصاً بسبب التفجيرات والاشتباكات المسلحة .
كما تصاعدت الاضطرابات في مناطق الساحل السوري ، حيث قُتل 28 عنصراً من قوات “نظام الجولاني” في اشتباكات مسلحة ليلة السابع من مارس 2025 في مشهد يعكس مدى تعقيد الصراع وتأثير العوامل الخارجية في تأجيجه .
من جهة الاحتجاجات الشعبية والتدخلات الخارجية في سوريا عموماً ؟
في يناير 2025 اندلعت احتجاجات واسعة في منطقة سد تشرين رفضاً للهجمات التركية وعمليات “الجيش الوطني السوري” حيث استُهدفت قافلة المحتجين بضربات جوية تركية أدت إلى مقتل 5 مدنيين وإصابة 15 آخرين ومع استمرار هذه الاحتجاجات تصاعدت وتيرة القمع ما أدى إلى مقتل 24 محتجاً وإصابة أكثر من 240 آخرين الأمر الذي يسلّط الضوء على عمق التدخلات الخارجية في الأزمة السورية !!
لكن لابدمن حيث النظر القريب والبعيد سوريا على طريق السيناريو العراقي بعد 2003
كما يلاحظ الجميع إن التطورات التي تشهدها سوريا اليوم تحمل تشابهاً واضحاً مع ما حدث في العراق بعد عام 2003 حين أدى سقوط النظام إلى تفكك الدولة واندلاع موجات من العنف الطائفي والتدخلات الخارجية التي أعادت رسم الخريطة السياسية للبلاد .
كما استُخدمت الفوضى الأمنية في العراق كوسيلة لتفتيت المجتمع وإضعافه وهو السيناريو ذاته الذي يُراد تكراره في سوريا من خلال خلق نزاعات داخلية مستمرة وإذكاء الانقسامات الطائفية !!
وإضعاف مؤسسات الدولة لصالح قوى إقليمية ودولية تسعى إلى فرض أجنداتها .
فكما شهد العراق ظهور جماعات مسلحة متعددة الولاءات وتدخلات خارجية متزايدة ، فإن سوريا اليوم تسير في الاتجاه نفسه ، حيث تستغل القوى الخارجية حالة الفوضى لإعادة رسم المشهد السياسي بما يخدم مصالحها الاستراتيجية .
إن استمرار هذا المسار سيؤدي إلى مزيد من التفكك والدمار ، ما لم يتم تدارك الوضع من خلال حلول وطنية تستعيد وحدة الدولة السورية بعيداً عن التدخلات الأجنبية ، وهذا له تأثير جيوسياسي على العراق .
كما أن الشعب السوري والبعض من النظام السابق انتفضوا ضد الظلم والانتهاكات التي تعرضت لها منازله وعوائله على يد الحكومة الحالية والتدخلات الخارجية ، ولذلك أسس حركة تحت عنوان “المقاومة الشعبية السورية”.
رداً على تصاعد الفوضى والطائفية ، وهي مجموعة موالية للنظام السابق وتعمل على مواجهة الجماعات المسلحة التي ساهمت في تأجيج الصراع الطائفي .
نفذت هذه المقاومة عدة عمليات ضد “هيئة تحرير الشام” وقوات أخرى ، في محاولة لإعادة التوازن داخل المشهد السوري المضطرب .
لكن من الضرورة توحيد الصفوف لمواجهة المخططات الخارجية
فأن ظهور هذه الأحداث أن الصراعات الطائفية في سوريا ليست نتيجة عوامل داخلية فحسب ، بل هي أيضاً نتاج تدخلات خارجية تهدف إلى زعزعة الاستقرار .
في ظل هذه التحديات أصبح من الضروري أن يتنبه الشعب السوري إلى هذه المخططات ويعمل على تعزيز الوحدة الوطنية ونبذ الفتن الطائفية لضمان مستقبل مستقر وآمن للبلاد .
لذلك النتيجة لإنهاء إعادة توجيه الصراع السوري نحو حل سياسي شامل يتطلب وعياً جماعياً بضرورة إنهاء التدخلات الخارجية ووقف استغلال الفوضى كوسيلة لإعادة تشكيل المنطقة بما يخدم المصالح الاستعمارية الجديدة .
https://telegram.me/buratha
