المقالات

قبل ان نغادر التاريخ ...عبد العزيز الحكيم مؤسس العراق الحديث .


علي هادي الركابي

الحديث عن التاريخ والرجال ، والمواقف العظيمة ؛ والتضحيات ، يحتاج دائما الى ضمير حي يفصل بين المشاعر والعواطف من جهة ، وبين الضمير والحقائق من جهة ثانية ، فالتاريخ لايرحم الاقلام التي تعاني من ازمة الحقيقة والشجاعة في كتابة وتدوين الاحداث ، فالكل يقف امام الله يوما ما وكل نفس بما ما كسبت رهينة . فالحقيقة ستظهر يوماً ما مهما حاول الخونه والجهلة تظليلها او تجهيل الناس بها .

عبد العزيز الحكيم الابن الاصغر لمرجع الطائفة الامام الحكيم ولد عام 1950 في النجف الاشرف وتتلمذ على يد والده واخوته الكبار ، والامام الشهيد الصدروالامام الخوئي ، فتربى على القيم والشجاعة ومقارعة الظلم والاستبداد وكان احد الاذرع المهمة للشهيد الصدر محمد باقر . فظهر حبه وتمسكه بالمرجعية منذ نعومة اظافره .بعد مجيء البعث الى السلطة واعدام الامام الصدر عام 1980 هاجر الى الجمهورية الاسلامية واسس جماعة العلماء المجاهدين ، وانظم مع الجماعة الى فيلق بدر والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق .من هنا اعلن معارضته بقيادة السيد محمد باقر الحكيم لنظام البعث عالمياً وبصورة صريحة .

مثل تحديًا كبيراً للنظام البعثي طيلة 23 عاما حيث مثل المعارضة العراقية والمجلس الاعلى في كل المؤتمرات الدولية لنصرة الشعب العراقي ابرزها ؛ طهران، بيروت، دمشق، لندن، اربيل، واشنطن ومقر الامم المتحدة وكذلك مخيمات اللجوء في الاهواز ورفحاء ، واجه النظام في الاهوار وفي عدة معارك ضارية على طول الحدود من بنجوين الى الفاو . كذلك مثل عنصر الوحدة في التلاحم بين المعارضة العراقية وحل الاشكالات خصوصا بين البارتي واليكتي في عقد التسعينات ، وبين الموتمر الوطني والاحزاب الاسلامية في نفس الفترة .

الدور الاكبر للسيد عبد العزيز الحكيم كان بعد سقوط النظام وشهادة السيد محمد باقر الحكيم وتوليه زعامة المجلس الاعلى والمكون الاكبر ، وربط كل ذلك بما رسمته المرجعية العليا مقابل الخطة الامريكية في ادارة الدولة واقرار الدستور ، فكان مطيعاً للمرجعية في تطبيق كل ما ارادته وفرضه على الحاكم المدني بول بريمر في اقرار الانتخابات وكتابة الدستور بمجلس منتخب شعبياً .

بعد ذلك بدا برسم ملاحم الدولة بهدوء وبدون ضجة، من اخراج العراق من البند السابع للامم المتحدة والغاء ديون العراق في نادي باريس واقرار قوانين تخص المكون الاكبر داخل المجلس التشريعي من قوانين تخص العتبات والشعائر الحسينية والمرجعيات الدينية والاسلام وغيرها، كان له دور مهم في تهدئة الوضع الامني المشتعل طائفيا بعد تفجير قبة الامامين العسكريين عام 2006. عالج جميع الازمات بحنكة وسعة صدر وبهدوء كبير فكان القائد الذي يحوك التفاصيل وبيده القرارات ، تنازل كثيراً من اجل المكون الاكبر ورسم خارطة طريق لازال الجميع يلتزم بقواعدها .

رحل عبد العزيز الحكيم ، بعد ان ترك وراءه بصمات لايمكن محوها يوماً ما ، ثبتت في الدستور وفي قوانين النظام العراقي الجديد ، ابرزها ان العراق يحكم بالاغلبية ، وانه بلد مؤسسات لايمكن ان يقاد الا من خلالها، بعد ان كتبت في جميع اروقة الدولة احرف المكون الاكبر التي غابت عن الدولة لاكثر من الف عام ، وحفظ التاريخ لذلك الرجل انه موسسها وبجدارة ..انه عبد العزيز محسن الحكيم الرجل الذي اسس الدولة العراقية الفتية...... وبصمت .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك