المقالات

الإنسانية المتناقضة


مرتضى مجيد الزبيدي || 

 

الإنسان ذو تركيبة معقدة، سوى على المستوى المادي وأجهزة الجسم وخلاياها، او على المستوى المعنوي فالنفس والذات أكثر تعقيدا، أما الروح ((قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)) ولكن بطبيعة الحال يتعاطف الإنسان مع أبناء جلدته بل وحتى مع مجتمعات الكائنات الحية الأخرى. 

التعاطف طبيعة بشرية إنسانية قد يتحدد مستواها بواقع الظروف والتجربة وعمل الشخص، ووعيه فكلما كان الإنسان أكثر وعيا كان اكثر احساسا بهموم الآخرين وآلامهم، أما اذا انعدمت ميزة التعاطف، فتلك حالة مرضية بحاجة الى مراجعة طبيب نفسي. 

الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة وما يشهده من إبادة وانتهاكات فضيعة ليست بجديدة من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي، فذراعها الأميركي بادر من قبل بمثل تلك الانتهاكات في سوريا وغيرها، وعملاؤه من العرب ايضا ارتكبوا جرائم بشرية بحق اطفال اليمن ونسائها وشيوخها.

تعددت الأسباب والنتيجة واحدة، دماء تراق وأرواح تزهق ومدنيون مشردون دون مأوى، فعلى ما يبدوا هذا ديدن اللاإنسانيون، تجردوا من الإنسانية وصاروا وحوشا ضارية، اشبه بوحوش (الزومبي التي نشاهدها في الأفلام) لأنهم يأكلون أبناء جلدتهم بكل إصرار. 

الحرب ليست جديدة على عالم البشر، فصراعات البقاء والسلطة، والتمدد والسيطرة، أخذت مأخذها على مر التاريخ، ولكن ما هو أخطر من ذلك وباء انتشار (الزومبي) فاستخدام الأسلحة المحرمة دوليا بجبن واستهتار، الى قصف المدن السكنية، إنما يدل على أمرين، الأول وحشية القائم بالفعل وخرجه من عالم الإنسانية، وحتى الحيوانية، فعظم الحيوانات لا تصطاد إلا عندما تجوع، والأمر الثاني الافتقار لإمكانية مواجهة المسلحين المقاومينظن سواء بالصورة المباشرة او غير المباشرة، ونقصد بالافتقار انعدام الشجاعة والروح المعنوية، ومن قرأ عن الحروب او له خبرة في ذلك يعرف  مدى أهمية الروح المعنوية في الحرب، كما أولاها الفيسلوف الصيني والقائد العسكري سون تزو، جانب مهما في كتابه فن الحرب كونها العامل الأساس لكسب المعركة، وهذا ما يفتقر إليه أعداء الإنسانية، رغم إمكانياتهم العسكرية والأمنية المزعومة من حيث التقنية والعدد والدقة. 

لا عجب  من الوحوش ودمويتهم، العجب كل العجب لمن لا يتعاطف مع أبناء جلدته، معتمدا الكيل بمكيالين، وسياسة الوقوف على التل، أثناء كتابتي الحالية وعن طريق الصدفة شاهدت مقطع فديو لقطة تودع طفلا من شهداء فلسطين وتنام جنب جثته بحزن وانكسار. 

الحيوانات تتعاطف مع البشر، ولا أعرف كيف يتجاهل البشريون الظلامة ولا يتعاطفون معها، اليوم وإلى الأبد، يشكر الإنسان ذاته المتعاطفة ويشعر بالفخر، أما من خرج عن طبيعته الإنسانية بثياب المرض النفسي، لا اعرف بالواقع اي شعور ينتابه...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك