المقالات

راشدي..!


د.حسين القاصد ||

 

تذكرت بعد أن نشرت صور حفيداتي ( الملاذ والقمر وحور) وهن يضعن الخطوة الأولى في حياتهن الدراسة، تذكرت كيف كانت بداية الرحلة لي.

أما ( الرحلة) فنحن ننطقها بفتح الراء ونعني بها كرسي التلميذ، ولم يخطر ببال أحد أن ( الرحلة) التي يجلس عليها التلميذ هي القطار الذي سيجتاز به محطاته الدراسية؛ لذلك هي فصيحة بكسر الراء، لكنها جرت مجرى العامي بعد أن فتحنا راءها ( تواضعيا)، لأن هذا الكرسي ( الرحلة) سيحمل التلميذ إثنتي عشرة سنة ليتحول اسمه إلى كرسي في مرحلة البكالوريوس ثم إلى ( مقعد) في الدراسات العليا.

أما ( الراشدي) فهو من الفصيح الذي تصرفت به العامية، فهو من الرشد والإرشاد، وهو، عندنا في العراق، يعني ( الكف) عند المصريين، وفي كلتا التسميتين يعني الصفعة على الخد باليد.

قبل أكثر من خمسة وأربعين عاما دخلت المدرسة الابتدائية بصحبة والدي رعاه الله، وكانت بداية ( الرحلة) حيث معلمنا الأستاذ إدريس ( رحمه الله)، وحدث أن كلفنا بواجب يومي، وهنا بدأت محنة من لا أخ أكبر لديه، لأني أكبر أخوتي، فلا أحد يعينني أو يشرح لي المطلوب في الواجب البيتي.

ذهبت للمدرسة في اليوم التالي ولم أكتب الواجب البيتي فصفعني المعلم ب (راشدي) جعلني أدور حول نفسي مرتين ثم أسقط أرضاً؛ قلت سأعود للبيت وأشكوه لأبي، لكني ما أن أخبرت أبي حتى صفعني هو الآخر براشدي يعادل عشرة أضعاف صفعة المعلم، وكان عذره أني لم أتعلم جيدا!.. يا إلهي.. ممن أتعلم وكيف أتعلم وأنا في أول يوم لي في المدرسة، حتى أني لم أنعم بفرحة القميص الأبيض والبنطال الذين اشتراهما لي أبي من شركة (لنگ ستار) هكذا كنت أقول للأطفال الذين معي، وانا لا أعرف شيئا عن هذه الشركة! سوى أني سمعتها من والدي.

في اليوم التالي أعطانا المعلم واجبا بيتيا، وكي اتجنب قليلا من الصفعات طلبت من والدي أن يساعدني؛ لم أكن أعلم أنه رجل أمي، فقام والدي بكتابة الواجب لي، فذهبت منتشيا وحين فتش المعلم دفاترنا، صفعني براشدي هو الأقسى لكنه الأكرم في حياتي، فمنه عرفت أن عليّ أن اتعلم بنفسي لأني كتابة والدي لم تكن صحيحة، فتعلمت وصار لي ذلك، وصرت حسين القاصد.

نسيت أن أخبركم أن والدي مرر عليّ اسم شركة (لنگ ستار) متلاعباً بوعيي الخام، ولم يخبرني بأنه اشترى لي الملابس من (اللنگات) التي صار اسمها ( البالات) أيام الحصار الصدّامي، وهي الملابس المستعملة التي يرميها الأغنياء فيلبسها الفقراء .

١٨ / ٩ / ٢٠٢٣

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك