المقالات

المدفع النمساوي والهلع الصدامي


رياض سعد  ||

 

في أواخر ربيع عام 2003 كنا نسكن بيتا في العاصمة بغداد و التي ظلت صامدة رغم انفها !!

كانت قطعات الجيش والحرس الجمهوري متمركزة فيها بعد ان تقهقرت أمام ضربات الجيش الأمريكي الغازي , العجلات العسكرية تجوب العاصمة , وأعضاء الحزب يمشون في النهار و يسيرون في الليل علهم يمسكون بخائن أو هارب من لظى المعارك الصدامية الفاشلة ..

امتلأت سماء بغداد بالدخان والغبار الذي نتج عن حرق برك ومستنقعات اصطناعية كبيرة من النفط الأسود ؛ لان القيادة الحكيمة اعتقدت ان هذا الدخان سوف يعرقل عمل الطائرات الحديثة ويُفشل طلعاتها العسكرية !! وكانت النتيجة كما هو الحال في اغلب الخطط الصدامية وفاة أعداد غفيرة من مرضى الربو والتهاب الرئتين .. وتلوث بيئي خطير .. فالعراقيون – في عهده الاسود - مجرد أعداد اذا طرح منها عدد حل محلهُ عددٌ أخر !!

كنا نرى قطعات الجيش الهاربة من المحافظات باتجاه العاصمة , والحرس الجمهوري الذي يحاول جاهدا المحافظة على مدينة صدام بغداد التي ورثها عن المنصور الذي لا تربطه به اي علاقة نسبية او سببية !!

والذي قض مضاجعنا وأرق جفوننا وأرعب أطفالنا ؛ ذلك الصوت المدوي الذي كنا نسمعها في أرجاء المدينة طوال الليل والنهار , انه صوت المدفع النمساوي الرهيب ؛ اذ امتلأت الأرجاء بزمجرته المخيفة كأنه صوت اسرافيل الذي ينبئ عن قيام الساعة !

السماء تلبدت بالدخان والغبار وبرق النيران الملتهبة والخاطفة ..

يا الهي لماذا لا يسكت هذا المدفع ؟ ليت شعري أين تسقط قذائفه الضالة الهوجاء التي كأنها حمم بركان منهمر ؟!

سارت الأيام ببطء شديد , وبلغت القلوب الحناجر والمدفع النمساوي يُزيد النفوس هلعا وجزعا .. كان باستطاعتنا رؤية وميض المدافع النمساوية خلال الليل , وكان يخيل للمرء في الظلمة ان القذيفة موجهة إليه لا للعدو الأمريكي ؛ نعم قد سقطت عدة قذائف من مدفعية جيشنا على بيوت مواطنينا ولكن بطريق الخطأ فحسن الظن بالمدفع النمساوي الصدامي واجب ؛ اذ ورد في الحكمة الصدامية السخيفة ما يلي : (( احمل قذائف المدفع النمساوي على سبعين محمل )) وعندها تحسب من شهداء الغضب او الخطأ كما هو معروف ..

وقد أبلا المدفع النمساوي بلاءا حسنا ؛اذ لم يمت بسببه في أخر الأمر غير خمسة ألاف عراقي فقط وسقطت العاصمة بغداد فضلا عن باقي المدن !!

وانتصر الامريكان في هذه المعركة الصدامية الوهمية او المسرحية السياسية البريطانية الامريكية وانتهت لعبة الفئة الهجينة لتبدأ فصول جديدة من لعبة مغايرة ...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك