المقالات

الشعائر الحسينية، نهجٌ وعقيدة..


 

كوثر العزاوي ||

 

للشعائر الحسينية تجلّياتها وأثرها العميق في واقع المجتمع الاسلامي الموالي لآل محمد "عليهم السلام"

لما للشعائر من بصمات واضحة وفاعلية كبرى، كما لها آثار مهمة في الجوانب الفكرية والنفسية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإعلامية والأمنية على صعيد الأفراد والجماعات والمجتمعات والدول والحضارات والعالم ككل، وهذا ماأثبته الواقع العملي وليس مجرد تخمينات ذهنية، ولكن يبقى الأهم من ذلك كله، كيف يستثمر المجتمع الحسيني قوة الشعائر سيما الشعب العراقي كونه المحور والمنطلق لهذه المراسيم المقدسة!! إذ في كل عام يتجدد الموعد مع الحرارة التي لن تبرد أبدا، وفي كل عام يرى العالم أجمـع كيف أنّ دمًا نزف منذ آلاف السنين ولم يجف بل اصبح مدادًا خُطَّ به ملحمة أحيَت أمّة من جديد، فترى الملايين من البشر تجتمع في تلك البقعة المباركة "كربلاء" من غير حاجة لنداء يحثّهم أو صوت يناديهم أو سَبقٍ صحفيّ ينافس بعضه، بل يقف الوجود بملكه وملكوته بعفويته خاشعًا نازفًا دمعًا ودمًا أمام عظمة سيد الشهداء وفيوضاته وفنائهِ في الله ليتجلّى حيًّا بخلوده الذي لانظير له في تاريخ البشرية!!.

ومن هذا المنطلق وفي كل عام مع اقتراب الذكرى الفاجعة ترى الأجواء مشحونة مهيّأة لرقّة القلوب، معبأة بغزارة الدمعة وإشاعة روح التعاون  والمحبة والإخاء والتسامح والبذل والتضحية والكرم، فتُنصَب المواكب الحسينية وسرادق خِدمة الزائرين والمعزّين في جميع الأماكن، كما تُصرَف التكاليف الباهضة بروح الرضا والمبادرة، وكلٌّ يسعى لإتمام المقدّمات للشعائر على أتمّ وأكمل موجبات المظاهر دون مَللٍ أو كَلَل، فتجد الاستعداد والتحضير متجسدًا بِدءًا من البيوت والأزقة ومرورًا بالشوارع العامة والمؤسسات الدينية والمدنية حتى لا تكاد ترى بقعة او جدارًا إلّا وقد توشّح بالسواد ورفع راية الحزن، كل ذلك ينضوي تحت عنوان{حبّ الحسين  عليه السلام} الذي لايبتعد هذا الحب عن كونه صون للعقيدة وحماية للدين والمذهب من الانحرافات والتحريف فضلًا عن كونه عبادة وقرب وطاعة، أسوة بالأئمة الطاهرين من ذرية الحسين "عليه السلام" وتأسيًا بما ورد عنهم، كما جاء عن الإمام الصادق "عليه السلام" إذ قيلَ له:

"سيدي جُعلت فداك، إنّ الميت يجلسون له بالنياحةِ بعد موته أو قتله، وأراكم تجلسون أنتم وشيعتكم من أول الشهر بالمآتم والعزاء على الحسين عليه السلام؟! فقال"عليه السلام":

ياهذا {إذا هلّ هلالُ المحرّم نشرت الملائكةُ ثوبَ الحسين"عليه السلام" وهو مخرّقٌ من ضرب السيوف وملطّخ بالدماء، فنراه نحنُ وشيعتُنا بالبصيرةِ لا بالبصر، فتتفجّر دموعُنا}

ولعلنا نفهم، أنّ الشيعة الامامية بإحيائهم ذكرى فاجعة طف الحسين "عليه السلام" لم تأتي من فراغ أو محض صدفة إنما هي نهج وعقيدة

آملين أن نصِل جميعًا بفضلها إلى فهْمِ خلاصة المعرفة والوفاء للقضية الحسينية وأهدافها العليا لنَنال شرف رضاهم وشفاعتهم "عليهم السلام" .

 

ليلة الأول من محرم الحرام ١٤٤٥هج

١٩-تموز- ٢٠٢٣م

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك