المقالات

عين وعين..!


محمد الهاشمي ||

 

يحكى ان هناك ثلاثة رجال كانوا يمشون في طريقهم ، فشاهدوا رجلًا يقوم بالحفر في أحد جوانب الطريق ، فتحدث الأول قائلًا :  لابد أن هذا الرجل قد قتل أحداً ويريد دفنه في هذا الظلام .   بينما أبدى الثاني رأيه قائلًا :  لا … فيما يبدو أنه ليس قاتلا ، ولكنه لا يأتمن أحداً على ممتلكاته فيخبئها هنا .  ثم تحدث الثالث قائلًا :  لا … فيما يبدو لا هذا ولا ذاك ؛ إنه رجل صالح يحفر بئرًا من أجل الماء .  ومن هنا نستنتج أن الصالح يرى غيره من الناس صالحين ، أما الفاسد فيراهم فاسدين ، فكلٌّ يرى الناس بعين طبعه .  للناس ظاهر والمظاهر تخدع فلا تحكمنَّ بالذي ترى وتسمع  فليس كل ما ترى دل علي الورى فالعين ترى … لكنها لا تتوقع  وهكذا نرى الأشياء كما تراها نوازعنا الداخلية ، فعين المحب لا ترى عيوب من تحبه ، وترى كل عيوب العالم فيمن تكرهه ، وكما قال الشافعي : عين المحب عن كل عيب كليلة وعين المبغض تبدي المساويا  نحن لا نرى الأشياء كما هي لأننا لا ننظر بعين مجردة ، اسقاطاتنا هي من تفسر لنا ما نراه في الآخرين من مواقف أو آراء وأفعال كذلك .  وأيضاً رؤيتنا للحياة تعتمد على مدى النجاح الذي نحققه فيها وعلى مدى الإحباط الناتج عن فشلنا في تحقيق اهدافنا .  كذلك النظرة التشاؤمية التي تعتري الإنسان نتيجة لظروف معقدة يمر بها ، فهو ينظر للحياة نظرة سوداوية ترهقه وتجعله لا يطيق العيش فيها ، على عكس الإنسان السعيد والمتفائل فإنه يشعر بلذة الحياة وجمالها ، وهنا اذكر قول الشاعر ايليا ابو ماضي :  أَيُّهَا الشاكي وَما بِكَ داءٌ  كُن جَميلاً تَرَ الوُجودَ جَميلا  ايضاً عين الغريزة المخادعة ، تجعلك ترى الاشياء على غير حقيقتها ، توهمك بمشاعر كاذبة ، وعندما تُشْبِع تلك الغريزة تتنكر لكل ما اوهمتك به .  عين اخرى لها مشاهداتها وهي العين المؤدلجة ، فهي لا ترى إلا ما زرع فيها من افكار تجعلك تنظر لكل شيء بعين من زرعوا فيك تلك الأفكار ، فعلى الإنسان ان يستعيد فطرته ليفهم الحقيقة بتجرد ويرى هذا العالم كما هو ، لا كما يريده الاخرون ان يراه .  عين ترى الحقيقة … وعين مغمضة عنها … 

وهناك الف عين وعين تنظر الينا بنظرة المصلحة الشخصية وترى ماهو المقدار الذي تستطيع ان تستفيده منا …  وهناك عين مختلفة تنظر للواقع بشكل مختلف كما يصفها الفيلسوف الألماني شوبنهاور : عين الطبيب تشاهد كل الضعف البشري ، و عين المحامي تطلع على كل الشر في الناس ، ورجل الدين يرى كل الغباء بين اتباعه .

  وأخيراً … عين السياسي على الكراسي وعين الشعب على السياسي وعين تأكل من قرص المآسي وعين الفقير بعين الله … ينام العبد وعين الله لم تَنَمِ

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك