المقالات

حلم حائر..!


محمد الهاشمي ||

 

كان على  الخط في الجانب  الآخر صديقي الذي يقيم في كندا منذ عشرون عاماً ، وكان معتاداً ان يتصل بي بين حينٍ  وآخر ،  يحدثني عن همومه ، عن احلامه التي كلما تحقق شيئاً منها ، شعر أن هناك حلماً آخر يصبو اليه ، وكلما تحقق له من تلك الاحلام - حسب قوله - لم يجد ان هذا هو الهدف الذي يحقق له السعادة التي يهنأ بها …

هذا الصديق طالما يستشيرني ويستأنس برأيي  فيما يتعلق بأموره الحياتية لثقته بما اقدم له من النصح وصدق المشاعر الاخوية …

بعد ان قدم التحيايا والسؤال عن الصحة والاحوال - كما هي العادة - وعبر عن اشتياقه ، حدثني بألم وقال :

عندما كنت بالكويت كان حلم حياتي أن تكون عندي شهادة قيادة ، لان امتلاكها كان بالنسبة لنا نحن " البدون "حلم صعب المنال ، بعد أن حصلت علي شهادة القيادة أكتشفت أنني كنت مخطئاً فهذا ليس حلم حياتي .

بعدها راودتني فكرة الهجرة       واصبح هذا هو حلم حياتي …

بعد الهجرة أكتشفت أن هذا ليس كل ما اتمناه ، قلت في نفسي لأنتظر الحصول علي الجنسية الكندية باعتباري مقيم في تلك الدولة وان حصولي على الجنسية سيفتح لي الأبواب على العالم ، عندها سأكون قد حققت هذا الحلم الكبير …

وبالفعل بعد انتظار طويل حصلت على الجنسية ، وكذلك اكتشفت ان هذا ايضاً ليس هدفاً كبيراً ، فالجنسية تحصيل حاصل وليست هي كل ما اتمناه واني لم احقق حلم حياتي بعد !!

قلت إذًا سيتحقق الحلم بالزواج والأبناء ، وهذا ما كان لي ، ولكن أكتشفت بعد ذلك  ان حلم حياتي لم يتحقق ايضاً ، بل تحقق الشقاء والعناء ، كلما حصلت علئ شئ أريده …

الغريب بالموضوع بأنني لازلت أنتظر تحقيق حلم حياتي بأشياء وافكار جديدة ، لم تأتي ولن تأتي ، وحتى إن آتت ستكون المفاجأة دائما بان هذا ليس حلم حياتي  …

الآن ما هو حلم حياتي لا اعرف  !

أعرف شيء واحد فقط ، بأن العمر يتقدم بي ، وأنا أحلم وأحلم وأحلم ، بأوهام حقيقية او خيالية لا يهم ، ربما الذي أبحث عنه غير موجود في هذا العالم ، ربما يكون في عالم أخر …

أجبته أنا …

صديقي العزيز : قد لا يدرك اغلب الناس ماهي السعادة الحقيقية ، ويبقون طوال حياتهم ينتظرونها ولا يدركونها ، ويضيع العمر بين سعادة زائفة ، وأحلام واهمة …

نعم لأن هذه الاحلام غير حقيقية لانها لا تتصل بالذات ، مجرد احلام تتعلق بالمتع الجسدية ، او تتعلق بالواقع المعيشي .

يجب ان يسعى الإنسان لتحقيق ذاته فقط ، وان يسعى لان يعيش هو كما هو ، عندئذ سيجد كل ما يصبو اليه . لا ان يعيش شخصية مجتمعه وبيئته ، وتنصهر ذاته بمحيطه الذي لا يشبهه ، فيغترب ايما اغتراب ، ويعيش في بؤس دائم  ، وان يكون راضيا عن نفسه مقتنعاً بما يفعله ، ولا يجبر نفسه على ان يرضى عنه غيره فيزهقها وجعاً …

كذلك العقل كلما اتسعت مداركه فاضت فضائله ، وكبرت مغانمه ، وصغر بعينه ما كان كبيراً ، وقل انسياقه لغرائزه ، فالغرائز تقيد العقل  وتثقل الجسد …

سمو الروح مع سمو التفكير والأدراك … وهذه هي السعادة …

صديقي العزيز  : واحدة من تحقيق الذات هو الابداع ، ان تبدع بما يجعل لك بصمة في سجل المبدعين ، فالكاتب يجد نفسه بالكتابة ، والموسيقي يجد نفسه بالموسيقى ، والرسام كذالك يجد نفسه بالرسم ، وهكذا …

يقولون "القناعة كنز لا يفنى "

كذلك القناعة سعادة لا تفنى …

يقول الواعظ البريطاني سبورجون : السعادة الحقيقية ليست بمقدار ما نملك من الأشياء، بل بمقدار ما نستمتع به في حياتنا بما نملكه.

وأخيراً ، حلق بروحك في فضاءات هذا العالم وابحث عما تقرُّ اليه روحك وتطمئن به ، فالطمأنينة سعادة .

الاحلام الحائرة محطاتها الإبداع ، والرضا عن النفس ، والقناعة ، وأولها ان تكون انت

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك