المقالات

العقال والشماغ دروع جنوبية


علي الخالدي ||

 

   تقاليد الثياب المتوارثة لدى المجتمع العراقي وخاصة الجنوبي، ليس تركة الأجداد للآباء كي يرثها الأبناء، بل هي بصمات الصالحين لأكثر من ألف عام.

    لكل حاضرة بشرية او تجمع سكاني ان كان مدني او ريفي او بدوي، زي ولباس خاص به يمزه عن باقي المشتركات، السكانية، ويعتبر هوية التعريف يفاخر به الآخرين، وهذا ما دأبت عليه البرية منذ الخليقة الأولى، وقد تطور اللباس مع نضوج البشر وحسب الوجود المناخي والجغرافي، فطرأت متغيرات عديدة على لون العباءة والسروال وطال القميص وأحيانا قصر، ودخلت خياطات والبسة متعددة، وانشغل الإنسان بأفضلها موثقا للتاريخ.

    رغم الحوادث والتعديلات الكثيرة التي قلبت العديد من شكليات الرداء والبزة، ألا ان هناك كساء بقت ثابته ولم تتغير، فمثلا غطاء الرأس تغير لأكثر من مرة في بعض الدول العربية، من قبعة دائرية وإلى نصف دائرية وإلى مستطيلة عمودية (الطربوش) ومنها الى طاقية, ولم تستقر في بعضها إلى الآن، وبقي هذا الغطاء يتغير شكله مع تقلبات بيئة ذلك العالم السياسي والاقتصادي، إلا غطاء الرأس في المناطق العراق ما يزال ثابت منذ اكثر من الف عام، ولم يتغير مع تنوع الحكومات.

    حيث يعتبر العقال والشماغ مثالا للقواعد القيمية، وليس لثوابت غطاء الرأس، بيد انه اقترن وجود العقال والشماغ الأبيض المرصع بالسواد، ايقونة الحكمة والشرف والكرم والغيرة والجهاد، وهي أصول العشائر العراقية الكريمة، وخير ذكر لذلك كانت ثورة العشرين، التي ما ان ذكرت إلا وجاء في نجاحها سجل تاريخ العشائر الجنوبية، التي أسقطت سلاح العصر في حينه المدفع والدبابة، واستمرت صولات العقال والشماغ في مقاومة وإسقاط الانظمة المخالفة، على مدار مئة عام، واخرها كان في ردع عصابات داعش عام 2014، اذ انبرت العشائر بخوذ الشماغ والعقال بالقضاء عليه واستئصاله من أرض العراق، وللشماغ والعقال جانب آخر في حل مشاكل وخلافات المجتمع، والتي توازي بهذا الدور القضاء العراقي, حينما تعود اليها كثير من المشاكل التي تعجز الحكومة في حلها.

   نتيجة لما ورد أعلاه من مزايا خاصة بالشماغ الجنوبي وعقاله، وتماشيا مع سياسة الحرب الناعمة, وفي محاولة فاشلة من الإعلام الوهابي المخالف لأهل الجنوب، و بتوجيه من الشيطان الأكبر، عمدت فضائيات واقلام  الدول والطوائف المتضررة من لمعان نجم الجنوب, الى العمل جاهدة على سلخ ثقافة الجنوب، وذلك بأعمال درامية وبرامج ساخرة تلفزيونية، تحوي صور كاذبة عن البخل او الجهل او الإجرام في اوساط العشيرة، محاولة منها ترك انطباعات سيئة في اذهان الشباب, حتى تساهم في نفور المجتمع من هويته الاصيلة, والبحث عن هوية معادية لواقعه الموروث.

    إن الشماغ والعقال مهما حاولت شياطين الإنس تسخيفه، يبقى رمز الجهاد والشرف ليس للجنوب العراقي فقط، بل لمحور المقاومة الإسلامية,  والكوفية مذكرة الأعداء دائماً بهزائمهم في غرب اسيا وأفغانستان واليمن وفلسطين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك