المقالات

الانتفاضة الشعبانية قُتلت مرتين..!


علي الخالدي ||

 

سنة ١٩٩١ ميلادية وتحديداً بداية شهر آذار (شعبان ١٤١٥ هجرية ) في اليوم الثالث، انتفض شيعة العراق على نظام البعث الجائر الحاكم.

     سميت هذه الإنتفاضة بالشعبانية  لتزامنها مع شهر شعبان الاغر، الذي يزهر بمواليد أهل البيت عليهم السلام، وقد اعتبر شيعة العراق هذه الإنعطافة في تاريخهم، بمثابة فتح عصر جديد، وهي من ستحقق ولادة الدولة الجديد، الخالية من بقايا انظمة وسلاطين بغايا العباسيين والامويين، التي كان امتدادها عصابات البعث الصدامي الهالك.

    بعد ان انهارت جميع قوي نظام البعث المقبور كاملة، العسكرية والاقتصادية، بعد هروبه من دولة الكويت، التي احتلها بناء  لرغبات امريكية لتكون ذريعة لإدخال الأسطول الأمريكي، في الخليج، والاقتراب أكثر من استهداف الجمهورية الإسلامية، حيث هنا انفجر جيش الغضب الشيعي، بهتاف "الموت لصدام" و "الموت لحزب البعث" و " لا فتى إلا علي ونريد قائد جعفري " والشيعة كانوا يقصدون القائد الجعفري، هو ان القيادة تكون للمرجعية الدينية، وهذه عقيدتهم بالإمامة بأمير المؤمنين علي "عليه السلام " وكانت هذه الهتافات تثير الرعب، في ديار الخليج والامريكان الذين يختبئون به.

   كانت البصرة الفيحاء بوابة الجنوب العراقي، شرارة الانتفاضة الشعبانية، ومنها انطلقت إلى باقي محافظات الوسط والجنوب وحتى شمال العراق، حيث المحافظات الكوردية، وقد تميز منتفضو الجنوب بالبسالة في القتال وقوة الحركة، رغم الامكانات البسيطة والارض المستوية التي لا تساعد على التخفي، مما ساعد في تحرير جميع المحافظات الشيعية، وإنشاء سور جهادي حول كربلاء والنجف.

   الظهور القوي للحضور الشيعي في جنوب العراق، فاجأ الوهابية في الخليج والشيطان في أمريكا، مما جعلهم يعيدون حسابات إحراق ورقة البعث، وتجديد بقائها عشر سنوات جديدة، حتى ينهي المشروع الذي كلفوه فيه، سنة ١٩٧٩ عند توليه النظام، وهو إبادة الشيعة في العراق وإيران الإسلامية، وهنا عاد النظام البعثي من جديد بدعم الطيران الجوي الذي منعته منظمة الأمم المتحدة، من الطيران سابقاً، وقد استخدم انواع الأسلحة المحرمة من القنابل الكيمياوية والصواريخ والدبابات والمدافع تجاه حركة لا تمتلك غير السلاح الخفيف.

    انتهت الانتفاضة الشعبانية في الجنوب بعد ان قام النظام البعثي، بفرض حصار كامل على المحافظات الشيعية، منها التجويع والاعدامات والسجون، وتجفيف الاهوار والانهار، وموت المواشي والاسماك التي تعتبر مصدر عيش مدن المنتفضين، مما أدى لانتشار الأمراض والأوبئة ثم موت الانتفاضة.

     تبين في نهاية حديث ما تقدم، طريقة وأد الانتفاضة والقضاء عليها بسلاح العدو الصهيوني، وهنا نشير بعجالة لطريقة ذبح الانتفاضة مرة ثانية، ونعني بها هو محو وإزالة هذه الصفحة المضيئة من ذاكرة الشيعة، وذلك بإسقاطها إعلامياً أولا، من خلال خلق قصص كاذبة تجاه الثوار والشهداء، وتارة باستهداف امتيازاتهم التي قدمت لضحايا الثورة في "مخيم رفحاء " وغيرهم من الابطال, التي ما زالت  تكررها أقلام البعث، تجاه صمت أقلام المجاهدين.

    إن الانتفاضة الشعبانية  رغم عمرها الذي لم يتجاوز الشهر، قد سجلت في التاريخ تجربة عجزت عنها حركات آلاف السنين، فهي نجحت في إسقاط نظام عمره خمسون عاماً، في شهر واحد.

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك