المقالات

الوسطية في الاسلام


مانع الزاملي ||

 

الوسطية هي عدم الميل لطرف دون اخر وهي من ابرز خصائص ديننا الحنيف ،ويعبر عنها ايضا بالتوازن والتوسط بين طرفين متقابلين ،بحيث لاينفرد اي طرف بالتأثير ،ولايأخذ اكثر من حقه ،( والسماءرفَعها وَوَضعَ الميزان الا تطغوا في الميزان )(واقيموا الوزنَ بالقسطِ ولا تخسروا الميزان)

الحقيقة ان التوازن لايقدر عليه انسان بعقله المحدود ، وعلمه القاصر،وميوله ونزعاته الشخصية ، والاسرية ، والحزبية ،والاقليمية ، والعنصرية وغلبتها عليه من حيث  يشع  اولايشعر، لذلك اقتضت الضرورة ان يكون الدين الاسلامي ومنهجه القويم هو من يحدد نظام التوازن لانه صادر من الله الذي هو مطلق الكمال

، لانه لايخلو منهج اونظام يصنعه البشر من الافراط ، او التفريط كما يدل ذلك استقراء الواقع وقراءة التاريخ.

ان الله وحده بدينه الاكمل الاسلام هو الذي اعطى كل شي في الوجود، ماديا كان او معنويا،حقه بحساب وميزان ،ولاعجب ان نشاهد التوازن الدقيق في خلق الله ،وفي أمر الله ، فهو صاحب الخلق والامر ، فظاهرة التوازن تبدو واضحة بينة فيما امر الله به وماشرعه من الهدى ودين الحق الذي ابدعته يد الله فأتقنت به كل شيء .

واذا كانت للوسطية كل هذه المزايا ، فلاعجب ان تتجلى في كل جوانب الاسلام ،نظرية ، تربوية ، وعملية ، وتشريعية.

والاسلام وسط في عباداته ، وشعائره بين الاديان ،ولعل اوضح دليل على وسطية اهتمامات الدين في الحياة هي قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا نوديَ للصلاةِ من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذَروا البيع ذلكم خيرُ لكم إن كنتم تعلمون * فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله  كثيرا لعلكم تفلِحون . فهذا شأن المسلم مع الدين والحياة حتى في يوم الجمعة : بيع وعمل للدنيا قبل الصلاة،ثم بعدها سعي الى الذكر والعبادة ،وبعد انقضاءالصلاة يتم الانتشار وابتغاء الرزق ،مع عدم الغفلة عن ذكر الله في كل حال ، فهو اساس النجاح .

والاسلام وسط في الاخلاق كذلك فهو وسط بين المثاليين ومغالاتهم الذين تخيلوا الانسان ملاكا او شبه ملاك ،فوضعوا له من القيم والاداب مالايصح له، وبين غلاة الواقعيين الذين حسبوه حيوانا ،وارادوا له من السلوك مالايليق به ،فكانت نظرة الاسلام وسطا بين اولئك وهؤلاء.

فالانسان في نظر الاسلام مخلوق مركب فيه العقل ، وفيه الشهوة ، ففيه غريزة الحيوان ، وروحانية الملاك ، قد هدي للنجدين ، وتهيأ بفطرته لسلوك السبيلين اما شاكرا واما كفورا،بمعنى انه فيه استعداد للفجور واستعداد للتقوى، ومهمته جهاد نفسه ورياضتها حتى تتزكى ( ونفس وماسواها فألهمها فجورهاوتقواها ، قد افلح من زكاها، وقد خاب من دساها).

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك