المقالات

عراق والتدهور السياسي وأثاره على البنية الاجتماعية


محمد حسن الساعدي ||

 

على الرغم من حالة الهيجان السياسي الذي يعيشه العراق منذ عام ونصف تقريباً، والذي وصل فيه إلى الصراع بين القوى السياسية،إلا أن الملفت في هذا الوضع أنه أستطاع الخروج من بوتقة الانسداد السياسي،إلى مرحلة الانتعاش بتشكيل حكومة السوداني وبعد أقل من أسبوعين من تكليفه،ما يعني حالة الانحدار نحو الفوضى بدأت تبتعد عن المشهد السياسي شيئاً فشيئاً،الأمر الذي يجعل من إمكانية الذهاب إلى الاستقرار السياسي ممكنة في ظل القدرة والإرادة لدى شخص السوداني أو القوى السياسية عموماً في الخروج من هذا المأزق،خصوصاً بعد الإجماع الدولي على ضرورة الذهاب إلى استقرار في العراق .

ربما ما زالت التوافقية السياسية هي الغالبة على المشهد عموماً،وأن القوى السياسية لجأت إلى هذا المبدأ هروباً من حالة الخلاف في التعددية العرقية والاثنية والقومية، وهو أمر مفروض وليس مخيرة فيه القوى السياسية، وهناك محاولات جادة من قبل بعض القوى السياسية الخروج من هذا الحرج، ألا أن ما زالت هذه المسميات مؤثرة على المشهد عموماً،لذلك نرى أن الجميع مشارك في الحكومة والجميع يشترك في المعارضة، وهو أمر غير صحي قبالة من يريد أن يتحمل مسؤولية تشكيل الحكومة ويسعى إلى أثبات قدرته أمام الجمهور العراقي والقوى السياسية،وهذا أمر محرج أمام الإطار التنسيقي الذي ينبغي له إن يثبت جدارته أمام القوى السياسية داخل الإطار،وأمام خصمه وغريمه"التيار الصدري" الذي يراقب بحذر وسينقض على خصمه بأي لحظة يرى فيها أخفاق هنا أو هناك .

البرنامج الحكومي الذي قدمه السيد السوداني لتشكيل حكومته مهم ، ولكنه لايتناسب والوقت المحدد لهذه الحكومة،إلا إذا أكملت مدتها الدستورية ومن ثم سعت إلى إجراء انتخابات ، لان المشاكل التي يمر بها العراق لا تتناسب وحجم وقوة هذه الحكومة،فهناك تركة ثقيلة، وملفات فساد كبيرة وخطيرة إلى جانب الفترة التي تحتاجاها لحلحلة الأوضاع وتوفير الخدمات الضرورية للشعب العراقي.

أولويات السيد السوداني هي ملفان مهمان ، السعي إلى إكمال الموازنة وإقرارها في مجلس النواب بأسرع وقت ممكن، والذهاب إلى ملف المحافظين والذي يحتاج وقفة حكومية في إيجاد رؤية متوازنة لهولاء، ومتابعة حالة المحافظات وفقدان الخدمات فيها،بالإضافة إلى ملفات الفساد التي تلاحق بعض المحافظين وتنذر بإبعاده عن منصبه، كما أن حكومة السوداني أخذت على عاتقها تنفيذ مشاريع 100 يوم من عمر الحكومة وهي ذات المدة القريب جداً، والخطوة الثانية هي السعي نحو الخطط والمشاريع ذات الندى المتوسط والبعيد، ومنها ملف الكهرباء والصحة والخدمات،وهي أمور ليست سياسية بقدر ما تحتاج إلى إرادة قوية في تنفيذها، وإبعاد الأيادي الفاسدة التي تعرقل تنفيذ أي مشروع يمس الحياة اليومية للفرد العراقي .

بالرغم من ضعف تفاؤلنا بهذه الحكومة،إلا إننا كمراقبين للمشهد السياسي ننظر بأن أي تقدم في خطوات الاستقرار السياسي عموماً يعني نجاح حقيقي للبلاد،ويطفئ شعلة النار المتقدة التي تحاول إحراق البلاد والعباد، وبالتالي ينهي الأجندات الخبيثة التي تحاول إغراق العراق بمسلسل فتنة ثاني،كما أن أي نجاح لأي حكومة مهما كانت مسمياتها او أشكالها يعني أن العراق يعيش حالة الاستقرار الديمقراطي الحر والتبادل السلمي للسلطة،وهي بالتأكيد رسالة واضحة أن العراق رغم المشاكل السياسية المعقدة،إلا انه ما زال قادر على معالجة جراحه والنهوض من جديد .

 

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك