المقالات

أفكار في فلسفة الانتظار   


انتصار حميد ||   أن مهمة الانتظار لأمر, ما هي الا استعدادٌ لتحققهِ بالشكل الذي ينسجم مع طبيعة ما يُنتَظر, إذ لا يمكن أن يُقال أننا ننتظر حصول أمرٍ ولا نرقى لمستوى الاستحقاقات المترتبة على تحققهِ, مما يعني أن عملية الانتظار تنطوي على علاقة جدلية بين المنتظَر والمنتظِر, إذ إن من المتيقن أن الإمام صلوات الله عليه لم يختر الغيبة, إلا لأن ظروف إقامة مجتمع العدل الإلهي كانت غير متوفرة, فمن جهةٍ قسوة الظلمة وكثرتهم, ومن جهةٍ أُخرى قلة الناصر النوعي,  وعدم قابلية المجتمع لكي ينوء بحمل مهمة إقامة الهدف الرباني.   ولهذا لابد من فترة يتربى فيها المجتمع ويتهيئ لحمل أعباء مسؤولية هذه المهمة العظيمة, وكما جاء في الحيث الشريف (انتظار الفرج من الفرج), وعليه فأن مقداراً من المهمة متعلق بالمنتظرين, ومدى أهليتهم للقيام بمهمة احتضان المشروع المهدوي وتحمل استحقاقاته, فكلما نهض المنتظرون بمهمتهم كلما هيؤوا الأرضية المطلوبة لاحتضان هذا المشروع.   هناك الكثير من الروايات التي تتحدث عن أن قيام الامام صلوات الله عليه هو من الأمور المتحركة التي لم يوضع لها قيد حديدي صارم, بحيث أن وقتها لا يتزحزح, بل أن هذا القيام يتقدم ويتأخر وفقاً للظروف الاجتماعية, فلقد سأل أبو بصير الامام الصادق (عليه السلام) فقال: قلت له: ما لهذا الأمر أمد ينتهي إليه ويريح أبداننا؟ قال بلى, ولكنكم أذعتم فأخره الله.    وعن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن علياً (عليه السلام) كان يقول: "إلى السبعين بلاء" وكان يقول: "بعد البلاء رخاء", وقد مضت السبعون ولم نر رخاء!, فقال أبو جعفر (عليه السلام): يا ثابت أن الله تعالى كان وقت هذا الأمر في السبعين, فلما قتل الحسين ( عليه السلام) اشتد غضب الله على أهل الأرض, فأخره إلى أربعين ومائة سنة, فحدثناكم فأذعتم الحديث, وكشفتم قناع السر, فأخره الله, ولم يجعل له بعد ذلك عندنا وقتاً, (ويمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب).   ولهذا قرن الله عملية الاستعداد لحمل الأمانة الربانية في هذا المجال بمبدأ الاستبدال, فالمجتمع أن لم يقم بهذه المهمة فإن الله يستبدله بأخرين كما في قوله تعالى( وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم).   وعليه فإن مهمة الانتظار متلازمة مع العمل من اجل المشروع المهدوي, والاستعداد لكل ما يترتب عليه هذا المشروع, وهو على نحوين انتظار ذاتي يتمثل بتهيئة المحتوى الذاتي للمنتظر, وانتظار الأمة المنتظرة بتهيئة الظروف الموضوعية لهذه العملية.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك