المقالات

صواريخ أمريكا الذكية ..

1420 2022-06-05

ا.د جهاد كاظم العكيلي ||

 

يبدو أن هوس السياسة الأمريكية التي تستند على إشعال فتيل القتل والعنف والتعامل مع الدول بمنطق القوة اللامحدود، لا يزال ساري المفعول في عقول الرؤساء الأمريكيين كمنهج ثابت لا يُمكن التخلي عنه لحساب الدبلوماسية التي يفترض أن تسود في التعامل الدولي ..

فهذا الرئيس الأمريكي جو بايدن، طار عقله وفقد التوازن أمس الأول وهو يدلي بتصريحات لا تخرج عن إطار الهوس السياسي إزاء التدخل الروسي في أوكرانيا، وقبله كان الرئيس الاسبق بوش الابن  قال في خطاب متلفز قبل أسابيع وهو، يتحدث أيضا عن الغزو الروسي بقوله، أن العدوان الأمريكي على العراق وصفه (بالغزو الوحشي،  وهو كان يقصد عدوان روسيا على أوكرانيا  بالغزو الوحشي..

وبايدن هذا كان قد أستبعد في وقت سابق تسليم أوكرانيا أنظمة قاذفات وصواريخ ذكية بعيدة المدى قادرة على بلوغ روسيا، لكنه عاد يؤكد من جديد، أن بلاده ستزود أوكرانيا بصواريخ ذكية قد يصل مداها إلى عمق الأراضي الروسية، لكنه حث أوكرانيا على عدم إستخدامها ضد روسيا ..

أي تناقض هذا..

وفي مقابل هذا تعيش دول اروبا وهي الحليفة لأمريكا بقلق وخوف من واقع إقتصادي غامض مرتبط بواقع الحرب الروسية ــ الأوكرانية التي تدور رحاها في المحيط الاوربي، وصارت مشكلة أوكرانيا تخضع بين الدول الأوربية إلى عوامل الشد والجذب بعضها إيجابي وأخرى سلبية، فالحكومة البريطانية مثلا تبرر فشل سياستها الإقتصادية بسبب الحرب الروسية ــ الأوكرانية، فيما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إتجه لإستغلال ظرف هذه الحرب ليقوي حزيه وشعبيته للظفر بولاية رئاسية جديدة على قاعدة المثل الذي يُفيد (مصائب قوم عند قوم فوائد) ..  وفي هذا السياق تريد أمريكا الحصول على المزيد من الغنائم بمفردها وهي تعلم تماما أنها قارة لوحدها لا تمسها شرارة الحروب ومنها شرارة الحرب الروسية ــ الأوكرانية التي تدور رحاها في المحيط الأوربي ..

إن هَوَس السياسة الأمريكية هذا، وفر لها ولساستها قدرات خاصة بإشعال الفتن والنار إينما تريد تفعل، مثلما فعلت ذلك في العراق بمباركة حلفائها في الغرب، فأحرقت ما احرقت بعد أن إستحوذت على العراق ودمرت مصير ومستقبل شعب العراق، وهكذا فعلت أمريكا اليوم مع أوكرانيا التي تزودها بالأسلحة ومنها الصواريخ الذكية، ومن ثم تمنعها من إستخدامه مثلما أعطت لمرتزقة أوكرانيين ومن دول أخرى الحق في تدمير وقتل الأبرياء من العراقيين ..

إن هذا الهَوَس الأمريكي صار أشبه بخميرة سياسية داخل عقول الرؤساء الأمريكيين، ولا نظن أنه سيتغير في زمن ما، لأن أمريكا على ما يبدو إنها مُصرة على نهجها السياسي هذا، وديدنها تدمير دول وشعوب حتى وإن إستجابت لرغباتها العدوانية كما حصل ويحصل في العراق، فالرئيس بايدن في سلوكه السياسي هذا إنما يؤشر لنا فشل وتخبط واضح في السياسة الخارجية، وعدم التعامل بدبلوماسية وواقعية مع الأزمات، لكن منطق القوة والتسلط سيظل ملازما لفرض الوجود الأمريكي بالقوة في أي دولة تريد مهاجمتها، غير أن مؤشرات الحرب الروسية ــ الأوكرانية وما يصاحبها من تطورات تؤشر تصدع الجدار الخارجي الأمريكي مع منظومة الدول التي تتوزع على خارطة العالم، وإن الآثار النفسية وإنتشار الفقر والجوع وزعزعة الأمن والإستقرار الذي خلفته أمريكا في هذه الدول ومنها تخريب نفوس الشعوب سيكون أحد اهم أسباب التصدع هذا ..

ـــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك