المقالات

السفارات..والشارع العراقي

1592 2022-04-13

  ا.د جهاد كاظم العكيلي ||   ربما هذا العنوان يثير إنتباه بعض المتابعين والمهتمين بالشأن  العراقي، والذي بقي متأرجحا طيلة هذه السنوات، تشده تجاذبات مختلفة كحالة المد والجزر التي تحدث على سواحل البحار، ولم تترك وراءها غير الرمال التي سرعان ما تتطاير امام أي إعصار، ومن ثم تعود إلى حالتها الطبيعية، لتكسوها المياه من جديد، وكأن شيئا لم يحدث .. هذا هو واقع حال الشارع العراقي، الذي تدخلت في شأنه دولا متمثلة بسفارتها المتعددة متخذة دورا مشبوها  في تمثيلها الدبلوماسي في العراق تجاوزت خطوطها الحمراء في بلد أنهكته الحروب وسياسات الحكومات الفاشلة التي تعاقبت على إدارته لعقود من الزمن، إذ تمادت سفارات الدول وقنصلياتها بالتدخل في الوضع العراقي الداخلي والخارجي.  ولم يكن هذا ليحصل لولا تراخي الحكومات المركزية المتعاقبة على الحكم وعجزها برسم صورة واضحة او حتى صدور أي موقف من قبل ممثلي الحكومات للحد او الكشف عن أهداف وأدوار الدول للتدخل في الشأن  العراقي، فضلا عن تبعية بعض المسؤولين لدول عديدة بحكم اكتسابهم هوياتها التي عاشوا فيها حقبة من الزمن، والتي بنت معهم ارتباطات مبنية على المنافع المتبادلة وفق سياسة التبعية الهادفة إلى إضعاف العراق، وجعله من الدول الفاشلة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا .. هذه الدوافع وغيرها الكثير أثرت على الشارع العراق منذ عام الإحتلال الأمريكي للعراق ٢٠٠٣ ودخلت معها اسماء مختلفة من ضمنها منظمات مدنية تخريبية لغرس ثقافة الإنحلال الإجتماعي والأخلاقي لا سيما بين صفوف الشباب، وذلك من خلال إشاعة ثقافة الفساد والفوضى عبر وسائل عدة تتولى دعمها وتمويلها سفارات دول عربية واجنبية وقنصلياتها وانفرادها بدعم  أشخاص بعينهم كواجهات فكرية وإعلامية لكي تؤثر على الرأي العام العراقي لغرض اثارة القضايا التي تأجج الصراعات وإلهاء الشارع العراقي بأساليب وطرق ملتوية تهدف لتنفيذ مشروع تخريبي وهدم البنية الإجتماعية العراقية، وجعلها أسيرة لخيارات هذه الدول لتحقيق مصالحها السياسة والإقتصادية، وكذلك من خلال اختيار رموز تابعة لها وفاشلة بإدارة البلاد، غير أن الحقيقة بدأت تسطع بين الأجيال بعد تظاهرات واسعة قادها أبناء الشعب العراقي، وكان من بين اهم اهدافها رفض هذا التدخل السافر، وكل ما يلتف من حوله من غايات ونيات غير سليمة تتعارض مع المشروع الوطني العراق..  في هذا السياق سرعان ما ظهرت إنعكاسات هذا التدخل في الإنتخابات البرلمانية التي جرت في تشرين الأول الماضي، وشكَّل هذا التدخل السافر نقطة البداية في التأثير المباشر على تشكيل الحكومة التي لازالت محط اختلاف وجهات النظر بين الكتل المتشكلة منذ نحو ستة اشهر، ولكن بالمقابل ظهرت أصوات جديدة تسير على الطريق الصحيح لبناء الدولة العراقية كما ينشدها الشعب، لكن اواقع الحالي يؤشر لنا أن المشروع الوطني لن يتحقق إذا ما بقي الوضع كما هو عليه الآن ..  وهذا يعني أن الشارع العراقي سيظل مشغولا أو متأثرا بما تنشره هذه السفارات والقنصليات من رؤى مضادة لمسيرة العراقيين التي تستهدف التغيير المنشود لبناء دولة مدنية، وهذا يتطلب من المعنيين في الشأن السياسي إن توفرت الجدية لصناعة إدارة صحيحة ومستقلة للبلاد من قبل الفئات الواعية في المجتمع لتأخذ دورها في التصدي لأي مخطط يستهدف زعزعة ثقة المواطن بشعبه، ذلك أن الخلاص يكمن في رفض التبعية بكل انواعها، والإعتماد على قدرات وطاقات الفرد العراقي كفيلة بتحقيق هذا الخلاص خصوصا إذا ما تم تجنب تهميش دور المجتمع، وبخلاف هذا النهج سيبقى العراق يعيش حالة من دوامة ستطول كثيرا ويبقى الحال كحال الذي : يأتيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ عنك كما يروغ الثعلب ..

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك