المقالات

مقهى ..!

1260 2022-03-20

محمد وناس ||

 

منذ زمن لم ادخل مقهى , بين حالة عدم القبول التي تتملكني كل ما وجدت ابتعاد الشباب عن عراقيتهم وانشغالهم بأخر التقليعات , وبين رائحة الاراكيل التي تسبب لي الغثيان ومنظر المحلقين حول طاولات الدومينو ,

رائحة الشاي سرقتني من حلبة حسباتي وما يتصارع في مخيلتي من  حوارات الضيم العراقي , لأجد نفسي في وسط مقهى نسيه التاريخ او ان الة الزمن عادت بي خمسين سنة ,

تخوت خشب ( مقاعد ) قديمة مغطاة بحصير من خوص النخيل ,  وجدران مطلية بالجص استحال لونه ليشابه لون القهوة .

شياب ( شيوخ ) بملابس تقليديه لم اشاهدها منذ زمن ,  فبين الصاية والعقال  الفراتي والعباءة الهربد والشماخ المطرز باللونين الاسود والأبيض

وهدوء يملئ المكان إلا من صوت الملاعق الشاي وهي تقرع اطراف الاستكاين ( اكواب الشاي) . وصوت نعي ( حسيني ) يقطع الاوداج حزنا   من تلفزيون صغير جدا في اخر المقهى لا يراه احد , كأن هذا النعي ترياق لألم العراق الازلي

 وجملة صبحك الله بالخير التي تهتف كنشيد وطني كل ما دخل احدهم وجلس .

بين ذوباني في ما حولي وسعادتي بالمكان وكأني اكتشف كنزا ضاع من قرصان في جزيرة مجهولة , وانشغالي بالرد ( صبحكم الله بالخير والعافية ) وصوت صاحب المقهى ينادي شاي لو حامض ؟؟؟  . وجدت نفسي منشغل في قراءة وجوه الجالسين  . تلك الوجوه التي اتعبها الزمن ورسم على رقعتها اثاره. وانزل الدهر كل همومه على اهلها . وخط التاريخ عليها  احرف من بؤس

شيخ هنا يبان عليه الوقار والوجاهة .

شيخ هناك ادار شماغه حول رأسه ويضع على كتفيه فرو شفتاه لا تفارق السيجار حتى مع صوته الهادر وهو يرد على شيوخ جلسوا قبالته يكيلون له جمل التقريع واللوم وهم يتنابزون ضاحكين ,

افندي بربطة عنق وبدله انيقة يتكئ على عكاز وهو ينقل خطواته بهدوء  وثقة متناهية ليجلس في نهاية المقهى كأن هذا المقعد بالذات مقعده الرسمي . ليعالج نشيد الحاضرين ( صبحك الله بالخير ) بعبارة لم اسمعها من قبل ابدا ( صبحكم الله بالخير , افلح من تصابح بوجوهكم )  ,   كل حروف تنطق لغه كاملة ,

كل هذه التجاعيد تحكي الابتسامة بطريقة اخرى . وتناغي الفرح , تبحث عن السعادة وتنشر اجمل معاني الوفاء لهذا الارث العراقي العجيب 

ما كل هذا الجمال في لهجة  قومي . كل ما حولي ينطق . كل ما حولي عراقي . ومع كل الهموم التي تغطي وجوه الحاضرين اجد في هذا المقهى من السعادة ما يكفي كل العراق .

اترك دموعي تغادر اجفاني رافضة لكل الم يحتبس صدور هؤلاء وانا اغادر ذلك المقهى العراقي  بامتياز,

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك