المقالات

للملكوت كفٌّ خضراء..!

1372 2022-03-08

  د. أمل الأسدي ||   ( عباس) كان شابا في عزِّ ثورته  العشرينية، ثورته ألانت له الحديد، كلُّ الآمال الزهرية تناديه رغم صعوبة الحياة وشحة أنهارها، يقولون أن يده معجزةٌ  لمهارته  الفريدة في تصليح الشاحنات والمركبات الكبيرة،يقصده الناس من كل مكان، فحلوله ناجعة دوما، والنجاح هذا متأت من حبه لعمله فضلا عن مهارته، هكذا كانت حياته، مزارع من  زعفران الأمل، لكنّ الدنيا تصرُّ علی طبعها ولاتغيره، لابد أن تلفح وجوهنا بقسوتها!! هذا اليوم كان طويلا... شوارع  بلا شفاه!! وشفاه بلا طريق!! حادث مروع أثناء عمله يطوي ظهره، ويطوي رغبته في الحياة، الأطباء يقولون : سيعيش مشلولا، وأشعة الرنين المغناطيسي تحكي عن حبل الحياة المقطوع!! مستشفی الشهيد عدنان، نوافذها تعوي ، تعزف بلسان مشلول لحن العاجزين!! ثلاث عمليات جراحية ولا فائدة، ولا لحظة شروق هاربة  من طيات  الظلام!! ينتظرون العملية الرابعة،يسلمون  تذاكرهم للمجهول ولايعلمون متی الوصول؟ ولايعلمون أين ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــ السيدة الهادئة كليل ربيعي، تلك الصيدلانية  صديقة أخته، قالت لهم: أجلوا العملية أسبوعا واحدا فقط،سآتيكم  برشفةٍ باردة من ضريحه، وبالفعل، أجلوا العملية  وقبل انتهاء الأسبوع، جاءت وبيدها قاروة  صغيرة فيها ماء،هذا الماء له قدسية وأثر!! شرب (عباس) الماء وهمس بدعواته، همس بصوت حزين فاقد الأمل!! أدخلوه غرفة العمليات، أمه تستجدي الألوان!! عباءتها أشد ظلاما من ليلة شتوية!! ساعة كاملة ولم تنته العملية، عيون تترقب، وقلوب  تجذف بلا أمنيات!! خرج الطبيب، أعاد كلامه مثل كل مرة:الي علينا سوينا والباقي علی الله  عباس كان يستفيق من التخدير ويخرج منه بصعوبة، يصرخ ويصرخ متألما:  علی كيفكم، الله يخليكم، علی كيفكم ما اتحمل الوجع!! ودموعه تجري وتجري !! الآن عاد إلی وعيه تماما،فتح عينيه، سأل أمه بوجهٍ مبتسم : ـ  أين هم؟  ـ من هم يا بني؟ ـ الأطباء الأقزام أية أقزام؟ يبدو أنك ما زلت تحت تأثير التخدير! ـ  أمي، أطباء أقزام كانوا يقفزون علی ظهري، أخبروني بأنهم مكلفون بهذه العملية!! يتحركون ويقفزون ويشدون ويدعكون، ورجل طويل يقف  عند رأسي، قال لي : لا تخف، أنا معك!! ناديتني فأجبتك! صمتت الأم  وتفتّحت في داخلها أبواب  الانتظار!! لابد أن توصلها الی البر!!  بعد أسابيع  (عباس )يحرِّك رجليه، ويمشي خطوات، وطلبة كلية الطب برفقة أستاذهم يشرح لهم عن هذه  الحالة!!  وعباس  مازال يحكي لهم قصة الماء، وقصة الأطباء الأقزام، وقصة  الكف التي كانت تمسح جبينه! فهذه الكف منذ أن جادت بروحها قديما، وهبها الله رصيدا أخصر الحكايات،يكتبنا قضيةً، ونكتبه قاضيا!! ــــــــــــــــــــــــ يا أحبتي، هذا النص نفحة حقيقية من نفحات صاحب الميلاد،ليس من وحي الخيال!! فالخيال يخجل من الوقوف أمام كفيه!! فتزمَّلوا  بالورد وولُّوا وجوهكم شطر  فراته🍃
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك