المقالات

السياسة .. والسلطة .. والوهم 

2250 2022-02-13

  ا.د جهاد كاظم العكيلي ||

الإعتقاد السائد أو المُطلق في الأفكار والرؤى لدى البعض إزاء ما يتعلق بمجمل شؤون الحياة ومنها إدارة السلطة، تجعل من هذا وذاك والأذناب أيضا، أن يَغرس مخالبه في جسد الدولة، وهذا الإعتقاد ناجم عن اليقين المُطلق فيما هُم عليه، وناتج أيضا من سوء فهمهم للواقع المُعاش حيث يتشبثون بصحة قراراتهم، التي لطالما تدفعهم في أن يعيشوا حالة من الوهم الدائم، ومفاده ضرورة بقائهم كونهم الأصلح في إدراة شؤون الحياة والعباد كما يعتقدون ويظنون هم والأذناب ..   وفي التاريخ البعيد والحديث هناك شواهد كثيرة، لمن يعتقدون ويظنون بخلاف المنطق، ومثل هؤلاء كمثل الذين لبسوا ثوب الوهم والغرور، رغم أنهم يعرفون جيدا بل يعون أن أفكارهم ورؤاهم هذه ما هي إلا مُخالفة صريحة للمنطق، ومنه الشرع والقانون المغيبين بقدر كبير .. وبهذا السلوك المزيف، تم وسيتم تدمير العلاقات الحياتية، ومنها العلاقات الإنسانية بين الناس، وحتى على  صعيد ممارسة السلطة بكل تفصيلاتها البسيطة والمعقدة .. ودول في العالم على سبيل المثال دخل الكثير منها في الحروب والنزاعات بسب هذه الأوهام التي ظلت لصيقة بأذهانهم، ولا يأبون مغادرتها، ظانين أن بتصرفهم هذا إنما يصنعوا مجدا لهم، مع ملاحظة أن الوهم الزائف هذا وتشبثهم بصحة ما يصدر عنهم من قرارات سيرتد عليهم يوما ما، لينكسروا في النهاية ويدمروا بلدانهم ..  وحتى على صعيد إدارة الحكم في هذه الدولة أو تلك، نلاحظ أن هذه الإعتقادات تتسبب في أحيان كثيرة بنزاعات وهمية لا سيما عند الكثير من الأذناب الموالين لأربابهم، ومنهم للأسف المتسللون لمهنة الإعلام أو محسوبا على أنه مثقف، والطامة الكبرى أن أمثال هؤلاء الذين هُم أصحاب اليقين المطلق الزائف، لا يسمحوا للرأي الوطني الآخر، بأن يفيدهم بما هو صح ليتراجعوا عن مواقفهم الزائفة ..  من هنا يستمر المزيفون بغيهم فيمضون على ما هُم عليه وبصلف أكثر من ذي قبل، فالفاسد على سبيل المثال يتعلق وهمه بالفساد، ليستشري بالنتيجة في محيط عمله من دون أن تظهر عليه حالة إشباع لرغباته المريضة، وهذا الحال هو نفسه عند الآخرين الذين ينبهرون بعظمتهم، وهي جوفاء وفارغة إلا من الطنين ..  وفي بلدنا دفع المجتمع ثمنا كبيرا بل باهضا، نتيجة لأوهام أو ايهام صُناع القرارات المصيرية بتطبيل واضح من الأذناب لِنيل المناصب الدُنيا حتى تحول البلد إلى حقل تجارب يتنازعها هذا وذاك من دون أن يتم الإلتفات إلى حل المشاكل الاقتصادية وحتى السياسية والثقافية، فالوهم العائم يُدمر العقول والأوطان ..  والغريب في هذا الأمر أن احدا من اصحاب السلطة والقرار، لم يلتفت لوقف هذا التداعي الخطير الذي لا شأن له إلا بتعلق البعض بطموحات غير معقولة وليس لها نهاية، الأمر الذي أدى وسيؤدي إلى المزيد من إحلال الخراب في كل جوانب الحياة والعباد ..  يبقى أن نفيد، ناصحين، لكل من يتحمل المسؤولية من ذوي البصيرة، أيا يكن موقعه، أن يُدرك هذا الواقع المرير، وإن يتعامل معه بعقلانية، وأن يتم التصدي له بحزم، وإرادة قوية، للذين يديرون الوهم ويرجون له بخفية من حولهم كصناع للوهم والمروجين له عن طريق التعظيم والتكبير، فمثل هؤلاء لا يهمهم شيء غير ركوب الموجة من دون أن يأبهوا لتخريب نفوس الناس والبلاد ..
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك