المقالات

خدمة العلم..أم خدمة الصنم ؟!

1573 2021-09-04

 

سامي التميمي ||   أرغمتنا الحكومات السابقةعلى الحرب مع أيران لمدة ثمانية سنوات ، وكنا نساق كالخراف للمجازر  ، فرق الأعدامات  خلفنا والسجون وقطع الأذن والتعذيب والتنكيل والقتل برصاصة مدفوع ثمنها من جيوب أهالينا بحجة خيانة الوطن ،  والموت الحتمي أمامنا بالصواريخ والراجمات والمدافع وكل أنواع الأسلحة وأذا كان لديك أبسط أمل أو نجاة  من الموت ، فهو الأسر وتكون بعدها ضحية للأتهامات والضياع والكآبة والمرض لسنوات مريرة ،  في سنوات الجامعة1988  أستوقفتنا  مفارز للجيش الشعبي والرفاق البعثية وأقتادونا الى الفرقة الحزبية . وكان هناك جمع غفير من الرجال والبعض كان كبير في السن  ،  لايستطيع المشي والوقوف على رجليه  ، وكان هناك مجموعة قليلة من النساء تصورنا بأنها ندوة أو مهرجان . لتمجيد البعث وصدام  ، ولكن تبين بأنها حملة تعبئة لجبهات القتال .  وكان أمين سر الفرقة هو  اللعين ( طه الشكرچي ) وكان معروف ومشهور بظهوره المتكرر مع صدام  ،  هو قائد عسكري قديم ومن المناصرين لصدام وجلاوزته   ، فقام بألقاء خطاب ركيك وضحل مثل شاكلته حول خدمة الوطن والتضحية وماشابه ذلك ، فقلنا له ماذا مطلوب منا قال :  الذهاب لجبهات القتال !؟  قلنا له :  بأننا طلاب في الجامعات والمعاهد  ، والقانون لايسمح بذلك  .  قال : نحن القانون . بعد مناقشات حادة بيني وبينه وصلت للصياح  .  رجع قليلا للوراء وقال :  فقط النساء من لاتذهب لجبهات القتال .  ومن لا يريد الذهاب الى جبهات القتال ويعترف بأنه مرأة فيذهب الى جانب النساء .  كان موقف صعب جداً وساومنا وأغتصب رأينا وأرادتنا و كرامتنا وعزتنا ورجولتنا .  فلم نستطع المطاولة والنقاش معه لأنه مستهتر ومستعد لالصاق أي تهمة بنا والذهاب بنا الى السجن أو الأعدام  .  كانت الباصات تنتظرنا وفي رحلة مريرة وقاسية أدركنا بأن الوطن وأهله يساق الى المجهول من خلال عصابات تعبد الصنم وتمجده . ومن خلال صنم يسوق الأكاذيب والأباطيل  .  المهم وصلنا ليلا ً الى مخفر حدودي ومنها أصعدونا بشاحنات مدنية لنقل البضائع المدنية وأيضا مهم مغصوبون على ذلك بالقوة ،  لم يكن في جيوبنا نقود،  وليس لدينا طعام نأكله وليس لدينا ملابس تحمينا من البرد  ، ولك أن تتصور بأن طالب جامعي يتفاجئ في ليلة وضحاها ويجد نفسه في جبهات القتال . كان موقف صعب ومرعب بأن تسمع أصوات المدافع والدبابات والطائرات وسط ظلام الليل الدامس  .  المهمة كانت في الأيام الأخيرة للحرب هي السطو  ونهب  المعسكرات والمخازن للأسلحة والعتاد والمؤونة للجيش الأيراني . وعندما أنهينا كل شئ ، قام ضباط الأمن والأستخبارات بحرق وتفجير المخازن الباقية في الجبال والمعسكرات والمواقع . التي لم يتمكنوا من سرقتها  ، عندما تشاهد هذه المناظر  ، عليك أن تتوقع كل شئ ،  سارت بنا الشاحنات في ذلك الليل المخيف وسط حقول الألغام المرعبة والقصف من قبل المدفعية  ، حتى أدركنا أنها تلك النهاية.  وعندما أنهينا المهمة خلال شهرين وحاولنا الرجوع للأراضي العراقية وجدنا بأن كل الجسور الصغيرة فوق الأنهر الصغيرة . التي عبرنا عليها قد نسفت من قبل الطيران الأيراني . وكانت عملية ( كرّ وفرّ   )  . للخلاص من ذلك المأزق  . كانت الهندسة العسكرية العراقية تعمل من أجل أستحداث شوارع جديدة من تحت الجسور المضروبة وهذا يستوجب وقتاً وجهداً أضافيا .  أنتهت المهمة ورجعنا بسلام ولكن كانت أيام صعبة وقاسية حطمت معنوياتنا وأحلامنا وآمالنا  . وعندما ألتقيت بأصدقاء لي هم من أبناء وأقرباء السلطة الحاكمة . وقصصت عليهم الأمر . وتصورت بأن الموضوع حدث مع الجميع .  ضحكوا كثيراً وكأنني أروي لهم ( نكتة ) . أو مسرحية أو مسلسل كوميدي.  وصاروا يتهامسون بينهم  ، ( نحن خدمة العلم لانخدمها)  .  كانت صدمة كبيرة لي . وأدركت حينها بأن الفقراء هم وحدهم من يخدمون ويضحون للوطن والعلم .  الى من سن وشرع قانون خدمة العلم  . عليك أن تضع شرط العدالة في ذلك الموضوع وأن تهيئ للمواطن الذي يخدم العلم راتب يليق به وخدمات من ملابس وأسكان وطعام ومواصلات  وأحترام وتقدير . وأن تحميه من خلال قوانين  بعدم المساس به وكرامته وعزته من قبل المتربصين والمنتفعين في تلك المؤسسة  العسكرية . وتشعره بأنه يخدم العلم والوطن . وأن لايكون في خدمة الصنم .  مع التحية .    
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك