المقالات

"فزّاع الجهال"مشهد رعب من (الزمن الجميل)

1758 2021-07-08

 

✍ د. عطور الموسوي ||

 

تمر علينا اليوم ذكرى جريمة الإبادة الجماعية لمدينة الدجيل وعامها الأربعون، وقد تفنن الطاغية صدام وجلادوه في ايقاع الأذى على أهل هذه المدينة الشجاعة، وهم الذين قد كسروا حاجز الخوف وقرر أبطالهم من خيرة الشباب أن ينقذوا العراق من كابوس حكمه الأسود..

فشلت عملية الاغتيال ولكن صدام المولع بالدماء لم يتراجع عن فكرة إبادة عشائر بأكملها وبأساليب يندى لها جبين الانسانية، في ظل سكوت مطبق من الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والمواثيق الدولية التي كان العراق عضوا مؤسسا في الكثير منها ..

واستذكارا لصبر أهلنا من عوائل الدجيل، نعرج على بعض منها ونذّكر من لم يعرف أو نسي ما كان يجري على أيدي أزلام صدام ومرتزقته.

سُجنت العوائل في سجن أبي غريب كمحطة من محطات الاعتقال العديدة، وعاشت شظف العيش والرعب بكل أنواعه في برنامج معد لكل فئة عمرية، وللأطفال خصصوا أسلوبا وحشيا قد لا يصدقه أحد ..

كان هناك وقت محدد كل أسبوع يتم فيه سحب الأطفال من أحضان أمهاتهم الى المحجر وهي غرفة مظلمة ظلامها حالك لأنها بلا أي منفذ ضوء، تستخدم لمعاقبة السجناء عادة، في ذلك اليوم يصيرونها الى غرفة مرعبة تتعالى فيها أصوات كأنها أشباح، تبث من مكبرة صوت ضخمة لا تتناسب ومساحة الغرفة الصغيرة، وبذلك يكون الصوت ذو ترددات عالية تقشعر له الأبدان، وعلى الجدران قد علقوا رؤوس دمى مرعبة لوحوش وجماجم، وفي الأثناء تتناوب الوان الإنارة الحمراء بين الإطفاء والاشتعال للمزيد من الرعب، والأدهى والأمرّ ان الاطفال صاروا يعلمون الى اين يأخذونهم  "فزّاع الجهال ".

حيث يخطف الجلادون هؤلاء الصغار ويدخلونهم المحجر ويغلقون الباب، تمتزج أصوات استغاثتهم المذبوحة على أيدي جلاديهم، مع عويل أمهاتهم وجدّاتهم، وتبح حناجرهم من حشرجات البكاء والخوف وتبقى العوائل بأكملها في حالة هلع ونحيب تصل أحيانا الى ساعة كاملة، حتى يخرجوهم وسط ضحكات هازئة تجردت من كل ذرة من الانسانية، وكأنهم  يشبعون رغبتهم السادّية لأذى الاخرين وإن كانوا صغارا، بينما الأطفال في الرمق الأخير ..

طيلة بقائهم تتكرر هذه الوحشية بحق الطفولة كل اسبوع، حتى صعب الأمر على الجلادين وهم يرون الصغار يتشبثون بأمهاتهم ومنهم من يختبئ تحت ثوبها، وفي المرحاض لكنه لا يسلم من أياديهم الأثيمة، وتنفذ تلك الجريمة رغما عن الجميع .

من سن هكذا عقاب ؟!

وهل علم حينها بأن الله يسمع ويرى ؟!

سؤال ظل يراودني منذ استمعت للقصة قبل أعوام  وبلسان إحدى الناجيات وهي ماتزال تشعر بالخوف لهذه اللحظة وقد بلغت من العمر أربعين عاما وصارت أماً لبنين وبنات .

نعم هكذا هو البعث الذي رفع شعار الوحدة والحرية والاشتراكية..

ولم يطبق فيها الا القمع والدمار ويعيث في الأرض الفساد ويهلك الحرث والنسل دون وازع من ضمير ..

وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ.

 

 8تموز 2021

27 ذو القعدة 1442

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك