المقالات

النمو السكاني


 

عبدالزهرة محمد الهنداوي||

 

يتحدث الكثيرون، بخوف، عن حالة النمو السكاني التي يشهدها العراق، الى درجة ان البعض يصفها، بالانفجار، ومفردة الانفجار هذه من شأنها ان تثير مخاوف الناس، فيتخيلون المشهد، بحصول مجاعة شديدة، مثل تلك التي تشهدها بعض دول افريقيا!!

والحقيقة ان الامر مختلف تماما، وليس ثمة مايثير الرعب الى هذا المستوى، صحيح ان النمو السكاني في العراق، مازال مرتفعا بالمقارنة مع بلدان اخرى، ولعله يعد ثاني اعلى نسبة نمو بعد مصر، وهذا ناتج عن ارتفاع معدلات الخصوبة لدى السكان، فضلا عن منظومة القيم الاجتماعية، التي تحكم سلوكيات المجتمع في هذا السياق، وما توارثته الاجيال من طبيعة العمل الزراعي الذي يتطلب المزيد من الايدي العاملة، اذ الثابت ان انحدار غالبية المجتمع العراقي، هو من بيئة ريفية زراعية.

اما لماذا الحديث عن عدم وجود مبرر للخوف، من هذه الزيادات السكانية، فأقول، ان المتتبع لمعدلات النمو، يجد تراجعا في هذه الزيادات، فقبل عقد من الزمان كانت نسبة النمو السنوية ٣.٣٪، اما الان فقد انخفضت الى ٢.٦٪، ومن المتوقع انها ستشهد انخفاضا يصل الى ٢٪ او اقل، خلال السنوات العشر المقبلة، وهذا يتضح من خلال لجوء الكثير من الاسر، لاسيما حديثة التكوين، الى تقليل عدد الاطفال والمباعدة بين الولادات، فكثير من تلك الاسر باتت تكتفي بطفلين او ثلاثة في ابعد تقدير، وهذا مؤشر ايجابي، يشير الى ان العائلة العراقية، بدأت تدرك اهمية البعد الاقتصادي، في ترتيب ظروف حياتها، وهذه الثقافة التي تتطلب المزيد من الحملات التوعوية، لترسيخها كسلوج اجتماعي، تجنب الدولة، اللجوء الى تشريعات تحديد النسل، الذي من شأنه ان يخلق مشاكل اجتماعية تظهر اثارها بعد عدة اجيال، عندما يشيخ المجتمع ويصبح غير قادر على العطاء، فيفقد البلد ، التأثير الايجابي لرأس المال البشري، كما يحدث في الصين اليوم، بعد ان بلغ عدد كبار السن  فيها اكثر من ٢٥٠ مليون يشكلون ١٩٪من المجتمع الصيني، وهم في تزايد، الامر الذي اضطر الحكومة الصينية الى اتخاذ قرار برفع عدد الولادات المسموح بها الى ٣ اطفال، في المقابل ان نسبة كبار السن في العراق(٦٥سنة فما فوق) تبلغ ٣٪ فقط، ومعنى هذا ان المجتمع العراقي هو مجتمع شاب، وبتنا قريبون من الولوج الى النافذة الديموغرافية، التي يشكل فيها الشباب نسبة اكثر من ٦٠٪ من شرائح السكان الاخرى.

اما لماذا عدم الخوف، مرة اخرى؟، فاننا ازاء معادلة، طرفاها الموارد البشرية، والموارد الاقتصادية، اللذان يحققان في نهاية المطاف اهداف التنمية، والمطلوب هنا هو كيفية تحويل الموارد البشرية، من عبء على التنمية، الى محرك دافع ورافع لها، وهذا يتحقق عبر مجموعة من السياسات السكانية بعيدة المدى، يأتي في مقدمتها تمكين الشباب، واستيعابهم من خلال توفير فرص العمل، وتأهيلهم علميا وعمليا، وهذا بطبيعة الحال يتطلب تحقيق شراكات واسعة وحقيقية بين القطاعين العام والخاص، وليس بعيدا عن الشباب، ينبغي النهوض بقطاعات السكن والصحة والتعليم، وتحسين الخدمات، فضلا عن تمكين المرأة، وتحقيق شراكات حقيقية مع اصحاب المصلحة جميعا، اذا تحقق ذلك، مع استغلال امثل للموارد الاقتصادية، لن يكون ثمة مبرر  للخوف.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك