المقالات

حضارة الجمل.. وتاريخ العراق..

2118 2021-05-30

 

د. جهاد العكيلي*||

 

قبل أن تنهض دول الخليج نهضة تنموية وعمرانية شاملة منذ مطلع عقد السبعينيات، وهي التي تمتلك ثروة نفطية تقدر بـ 20 بالمئة من الانتاج العالمي ، كانت الصورة الذهنية  انذاك عند البعض  ومنهم بعض  العراقيين بأن الجمل الذي نكنيه (بالبعير) تلاصق صورة تلك الدول ويطلقون عليهم (عرب البعارين) 

وحين تحدث احد شيوخ دول الخليج الراحلين بضرورة نقل الحضارة الى البداوة، ذلك أن الجمل يعكس صورة حياة دول الخليج التي كانت تعيش في صحراء تغطيها الكثبان الرملية وتلهبها حرارة الصيف القائض، في حين كان العراق آنذاك ومنذ سنين طوال قد  غادر (البعارين) بشكل شبه تام ودخل حياة الحضارة المدنية عبر نهضة عمرانية وتنموية شبه شاملة، ولصارت يقينا شاملة لو توفر لشعبه ذلك النظام السياسي المستقر كما هو الحال في دول عرب الخليج ..  

وفي الوقت الذي كانت في العراق مؤسسات قائمة تنظمها قوانيين وأنظمة عملت على ترتيب البلاد وحركت الشعب نحو حياة الرُقي والتقدم، كان في المقابل دول الخليج الغنية بثرواتها والفقيرة بأساليب حياتها البسيطة تكافح بشراسه من اجل حياة شعوبها، غير أن الفارق الكبير كان يكمن في ما يدور بالنفوس والنوايا الخليجية الحكومية من حُب الحياة وإحترام عامل الزمن والحرص على توظيفه الادوات في البناء والتطور والاعمار ..

ان هذه المعادلة كانت هي المقياس للجميع والرهان الوحيد لمن يريد أن يحافظ على بلده وشعبه وأن يعمل على نهوضه وتطويره وفق هذا المقياس فكانت رغبة دول الخليج وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة أكثر حرصا وتفهما لشعوبها ، ذلك أن سياستهم بنيت على أرساء اسلوب التعايش السلمي بين الشعب والحكومة وإعطاء حق المواطن في الحياة من خيرات الارض وأخذ نصيبه منها وفقا لما تقدمه الحكومة للشعب كإستحقاق طبيعي من دون منَّة بأن يعيش الشعب ضمن اطار نظام الدولة بشكل سلمي بعد إن وفرت له كل مستلزمات حياته اليومية، وهذا  عكس ما حدث ويحدث في العراق تماما حين قضت الحكومات على روح التعايش السلمي مع شعبها وتعاملت معه بصيغة التبعية والسيطرة على مقدراته وجعلت منه شعبا مسلوب الإرادة بل وحشرته الأنظمة والحكومات المتعاقبة بحالة الصراع والتداخل مستغلة بذلك حقه في الحياة الحرة الكريمة طيلة عقود من الزمن، وهو لا يزال يدفع فاتورة بقاء شعارات الأنظمة ومصالحها الفردية والحزبية الضيقة من دون الانتباه لمصلحة الوطن وأبناءه .. 

وبالمقارنة بين النمط الخليجي والنمط العراقي بحق الشعب في الحياة نقول ان المواطن الخليجي صاحب الجمل او (البعارين) لا يزال في حالة تحضر مستمرة وصارت (البعارين) تكتسى  بحلية من الذهب ، وتسلق القمر وبنى مؤسسات محكمة دستوريا وقانونيا وحوَّل الصحراء الى منطقة خضراء ، اما العراق صاحب التاريخ و الحضارات فتكسرت فيه الاقلام ومزقت المدونات التي نصت على حق الإنسان في الحياة في البناء والتقدم، وصار العراقي اليوم يتمنى ان ينال حقا  من حقوق الحيوان كما في الدول التي تحترم حقوق الحيوان لكن هذا حتى هذا الحق لم يناله وإن كان مخزيا .. 

هذه هي خلاصة العلاقة بين الحاكم والمحكوم، فالسلام وحده هو الذي يبني الأوطان خصوصا اذا كان حكام الأوطان إمتداد لأصالة وتاريخ الشعوب حينها سنجد سلام دائم وعندها يتم بناء الوطن!.. 

*/ كاتب عراقي  

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك