المقالات

هل يتنازل العراق عن قراره السيادي ويرضى بالتبعية؟!

1969 2021-05-29

 

عباس سرحان ||

 

لمن لايرى بوضوح مسار الوضع العام في العراق، نقول ان البلد يسير باتجاه سلب الإرادة الوطنية ومصادرة ما تبقى من قراره السيادي، ولاشك أن من يعمل على الدفع بهذا الاتجاه هي الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها الاقليميون والمحليون.

وتحقق هذه الاطراف من وراء مصادرة الارادة العراقية اهدافا متعددة، منها توقف الاعمار والبناء ونهب الثروة الوطنية وتعطيل الدور الاقليمي والدولي للعراق وإلحاقه بركب دويلات المنطقة التي لايملك حكّامها حق تسمية ولاتهم دون إذن من الادارة الامريكية.

 والأهم من هذا وذاك بقاء العراق تحت رحمة الدول القوية لأنه لايستطيع ان يبني جيشه او يحمي حدوده ولن يتخذ قرارا مستقلا حتى وان كان في صالحه وتدور قراراته في دائرة خدمة الاطراف المسيطرة عليه.

كان واضحا منذ البدء أن احتلال العراق لم يكن بهدف نشر الديمقراطية كما زعمت الادارة الامريكية وقتها، فمن ينشر الديمقراطية لابد أن يؤسس نظاما سياسيا ناجحا يقوم على أسس الديمقراطية وليس على اسس المحاصصة التي شلّت البلاد وحولتها الى اقطاعيات.

اذن احتلال العراق كان بهدف الهيمنة عليه وعلى ثرواته وتحويله الى قاعدة امريكية متقدمة في المنطقة واستثمار مشاعر الكراهية والغضب عند اغلب العراقيين ضد النظام السابق، لتأسيس قواعد امريكية في العراق برضا ابنائه بعد ان حاولت امريكا تصوير نفسها على انها صديق حميم للعراقيين.

غير ان الادارة الامريكية فوجئت بحملة من الرفض والمقاومة المسلحة والسلمية دفعتها الى الإذعان للقرار العراقي والانسحاب من العراق في 2011، لكنها سرعان ما عادت من الشباك تحت عباءة مواجهة تنظيم داعش الذي تشير كل الدلائل والقرائن الى كونه صناعة امريكية.

من الواضح إذن أن القرار العراقي القوي والمستقل الذي أجبر امريكا على الانسحاب في 2011 قد أربك الحسابات الامريكية وقتها، فعادت في 2014 وهي تحمل مشروعا لقتل هذا القرار أو شلّه وجعل الدولة العراقية بلا ملامح تعاني من التشرذم والضعف حتى لا تتمكن من اتخاذ قرار جديد يرغم امريكا على المغادرة.

وهذا ما عملت عليه ادرة البيت الابيض مستثمرة في الاحتجاجات الشعبية مرة وفي الظروف السياسية مرة أخرى، فأطاحت برئيس الوزراء السابق لأنه حاول التحرك بعيدا عن سيطرة صانع القرار الامريكي واتجه شرقا نحو الصين.

وامريكا تراقب الاداء الحكومي اليوم لتجعله في مسار يخدم مصالحها واهدافها في المنطقة، وتلوح بفرض عقوبات امريكية على العراق مرة وباثارة الاحتجاجات مرة اخرى كلما تعالت اصوات تدعو الى تحرير القرار السيادي العراقي.

ومن الواضح ان كفّ الهيمنة الامريكية بات يغطي اجزاء واسعة من خارطة العراق السياسية والقوى التي ما زالت تصارع هذه الهيمنة اصبحت تعاني من ضغط امريكي كبير لجعلها تنصاع وتذعن لامريكا.

إذن ما العمل؟

بالتأكيد هناك انقسام حيال وجود القوات الامريكية في العراق وتدخل ادارة البيت الأبيض في الشأن العراق، فحلفاء امريكا من العراقيين لا يقبلون برحيلها ويتهمون كل من يطالب بذلك بانه يسعى للاستئثار بالقرار الوطني.!

ومعارضو هذا التواجد والتدخل الامريكي يستندون الى ان الديمقراطية تعني الاذعان لقرار الاغلبية وأن قرارا يلزم امريكا بسحب قواتها صدر في وقت سابق من مجلس النواب العراقي ويجب تطبيقه، وعلى هذه القوى أن توحد خطابها وجهودها وتصر على تطبيق هذا القرار.

وبغير ذلك فإن العراق يسير بسرعة نحو اللادولة وسيتحول الى كيان يتحكم به ضابط اتصالات في السفارة الامريكية او في قاعدة عين الاسد وستتم مصادرة ثرواته وتجويع شعبه وهذا ما لايليق بالعراق وشعبه وتاريخه العظيم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك