المقالات

سيُسْفِرُ كُلٌ عن وجهه؛ أهلا إسرائيل..!

1549 2021-05-20

 

قاسم العجرش ||

 

من المؤكد أن جميع التظاهرات والاحتجاجات التي حدثت في العراق، خصوصا في السنوات الثلاث الأخيرة، لم تكن قد حصلت على أذونات رسمية من الجهات المختصة، مع ما يرتبط بالأذونات من اشتراطات حددها القانون، كأن يتعين تقديم قائمة بأسماء المشرفين على هذا النشاط المشروع دستوريا، وعدد المشاركين فيه ومسار تحركهم ووقت ابتدائه وانتهائه، وما هي أهداف التظاهر؛ والغرض من هذه الشروط هو تأمين الحماية للمتظاهرين والممتلكات العامة، وضمان عدم تعطيل الحياة العامة والنظام العام، فضلا عن تحديد جهة مسؤولة يمكن التحدث معها.

مع أن حق التجمع والتظاهر السلمي مكفول دستوريا، إلا أن هذه الشروط تبدو نكتة سمجة؛ بالنسبة للجهات القائمة بالتظاهرات والاحتجاجات، فهي تتعامل معها باستهزاء وإنكار واضحين، ولم يحصل أبدا أن قدمت جهة ما طلبا للتظاهر، وهذا يؤشر إلى أن هذا النوع من الحراك والقائمين به وعليه، لا يمتلكون ثقافة الاحتجاج السلمي ابتداءً، فضلا عن أنهم لا يعترفون بالنظام القائم، ويعتبرونه عدوا وليس خصما.

كان واضحا منذ البداية، أن عدم تحديد الأهداف بوضوح، وتجزئة المطالب وكثرتها، وتحويل المتظاهرين من حركة احتجاج موحدة ذات مطالب محددة، الى “جزر” كثيرة في أرخبيل يموج بالاضطرابات، وتحويل الاحتجاجات والتظاهرات، إلى “وضع” دائم في حياة العراقيين، يعني أن الأهداف ليست مطلبية، فمواضيع مثل البنى التحتية والكهرباء، أو الفساد أو البطالة وفرص العمل، كانت أمورا ثانوية أمام الهدف الحقيقي للاحتجاجات.

الحراكيون ينتقدون ويطلبون التغيير لكنهم لا يقدمون بدائل، ولا يملكون حتى قيادة للتفاوض، ووقائع الأحداث وانكشاف الغطاء، عن الأدوار التي لعبتها أجهزة مخابرات دولية وإقليمية في تأجيج الأوضاع، تخطيطا وارتباطا وتوجيها وتمويلا، فضلا عن تزامن هذا الحراك مع نشاط واسع في المنطقة، أفضى إلى إعلان صفقة القرن، وتطبيع عدد من الدول العربية مع الكيان الصهيوني، يكشف أن هنالك مستويين من الأهداف لحركة التظاهر والاحتجاجات في العراق.

المستوى الأول هو تغيير النظام السياسي القائم، لأنه نظام “لم ينجح” في تلبية حاجات المواطنين، نقول “لم ينجح” ولم نقل “فشل”، فالنجاح هنا نسبي؛ بنفس القدر الذي يمكن وصف الفشل؛ بأنه نسبي أيضا، لأننا لا يمكننا النظر بعين واحدة؛ إلى ما حققه النظام السياسي القائم، دون النظر إلى الظروف الصعبة التي أحاطت به، وأولها وليس آخرها الإرهاب الذي اتضح أنه صناعة أمريكية، وجزء من مخطط تركيع أنظمة المنطقة، توطئة لتحقيق الهدف الأكبر والنهائي.

المستوى الثاني وهو الإتيان بنظام سياسي عراقي حاكم، منسجم تماما مع المخطط الصهيوأمريكي عربي، بتركيع الأمة كلها، ومع أن التغيير قد حصل، وتم إبعاد القوى التي كانت متصدرة للمشهد السياسي العراقي بطريقة ناعمة، إلا أن الحكومة القائمة ليست هي التي يريدها الأمريكي، فهي بالنسبة له مجرد محطة لا غير، على طريق الأهداف التي رسمها.

هذا التصور، وإنشاء التشارنة أحزابا لغرض المشاركة في الانتخابات، ثم إعلانهم مقاطعتها منذ الآن، يدفعنا إلى القول إن الانتخابات القادمة تواجه وضعا معقدا، ومصيرا مجهولا، وهي تقف على كف عفريت.

كلام قبل السلام: الدلائل أكثر من أن تعد، على أننا سنواجه صيفا ساخنا في الأيام القادمة، وأن حركة الاحتجاجات ستندلع مجددا؛ وإنْ بزخم أقل، خصوصا بعد أن وقف العراقيون وقفتهم المشرفة، إلى جانب إخوانهم الفلسطينيين، في معركتهم لنيل حقوقهم، وهو أمر لا يعجب قطعا دائرة الشر الأمريكية الصهيونية العربية، ولا يعجب أذنابها المتصهينين في العراق، وسينتقل التشارنة من الشعارات التغييرية، إلى شعار أهلا إسرائيل، وسيُسْفِرُ كلٌ عن وجهه..!

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك