المقالات

الحكومة تضرب بيد من حديد والاسعار تزيد!

2149 2021-04-20

 

عدنان جواد ||

 

يبدو ان اليد الحديدية ترافق اغلب من يتصدى للمسؤولية في العراق، صحيح ان تلك اليد الحديدية في زمن البعث كانت فاعلة وقاسية، فهي تضرب كل من يقف بوجه السلطة وبصورة بشعة، لذلك طال البقاء في السلطة لكن كانت النهاية مخجلة ومخزية ومهينة، والحكومات المتعاقبة بعد 2003، ايضاً استخدمت تلك الشعارات لكنها لم تستطع اخراج يدها من جيبها فقط على الضعفاء والمستضعفين من البسطاء، وبقي التهديد والوعيد حبيس الاعلام والقنوات الفضائية والجرائد، وحكومتنا الحالية ايضا تهدد يومياً بانها سوف تستخدم اليد الحديدية ضد المتلاعبين بالأسعار بعد  رفع قيمة الدولار وخفض الدينار، لكن التساؤل اين هي الاسعار؟ فلا توجد اسعار محددة، ولان السوق في العراق مستهلك يعتمد على الدعم من مبيعات النفط، والعرض والطلب فيه يخضع لضخ الدولار في السوق،  فيقدر الاقتصاديون العملة المهربة من العراق من 170 الى 200 مليون دولار الى البلدان الاخرى.

 وعندما انخفضت اسعار النفط حدثت الكارثة في الاقتصاد ، فعجزت الحكومة عن تسديد رواتب موظفيها، فتم تبني رفع سعر الدولار مقابل الدينار ودعم المنتوج المحلي، ولكن كل المدخولات التي تعتبر اوليات للصناعة والزراعة تستورد بالدولار، فالمكائن والاسمدة والبذور تستورد من الخارج ، اضافة لعدم القدرة على السيطرة على المنافذ في الاقليم فهي لا تلتزم بإجراءات منع الاستيراد، فالسلع ارتفعت اسعارها مع صعود الدولار، والتجار كأنهم يعملون ضد المواطن وانها فرصتهم للربح ومن خلفهم جهات سياسية نافذة، ولان الرقابة ضعيفة، والجهات الامنية والاقتصادية المسؤولة عن ضبط الاسعار تخشى المتلاعبين في الاسعار لنفوذهم وعلاقاتهم بأصحاب السلطة، اضافة لعدم وجود تسعيرة واضحة تضعها المحلات على المواد التي تبتاعها، تفرضها الدولة وهذا ما معمول به في اغلب دول العالم.

ان ارتفاع الاسعار يضر المواطن وخاصة محدودي الدخل، بحجة زيادة الاحتياطي النقدي الذي هو عرضة للاستهلاك ما دمنا نعتمد اعتماداً كلياً على النفط، وهل يبقى البلد مستهلكاً على طول الخط، كل ما تفعله الحكومة شهرياً دفع رواتب الموظفين من اموال النفط بدل استثمارها لمشاريع تنموية ، فهل يستطيع المنتوج المحلي تغطية 70% من حاجة السوق العراقي، وتبقى الحكومة تتحكم ب 30%، فمثلاً في الجانب الزراعي عندما نفذت طماطة البصرة صعد سعر الطماطة لأنه لا يوجد بديل.

 ولكن لو كانت الزراعة والتجارة تمتلك برادات ضخمة تخزن الطماطة وقت الوفرة، وضخها حين النفاذ ولحين جني طماطة كربلاء، وللحفاظ على سعر متزن يخدم المستهلك والفلاح لابد من وجود معامل تعليب معجون الطماطة يتم تزويدها بالمنتوج بدل استيراده من الخارج وكذلك التمر، وكذلك الدجاج والبيض يتم توزيع وطرح المنتوج بأوقات متفاوتة وليس في وقت واحد فتنخفض الاسعار حد الخسارة، ولا ترتفع لفقدانها في السوق فيتضرر المستهلك، فيجب تحديد المواد المستوردة مقارنة بالمنتج المحلي، وفرض سياسة التسعير ومحاسبة المتجاوزين ولأي جهة كانوا، وهذا ما نسمعه من تصريحات وزير الزراعة الذي يبدو انه جاداً ولكن هل يسمح له بإنجاز ما يقوله بصورة فعلية، اما الجانب الصناعي فحدث ولا حرج، فحسب احصائية طرحتها قناة العراقية ان 72% من مؤسسات الدولة خاسرة، وان هناك 400 الف من العمال غير المنتجين في تلك المؤسسات، والمعامل المتوقفة بسبب عدم قدرتها على منافسة المنتوج الاجنبي.

 اذاً الخلل ليس في الموارد المادية والبشرية للدولة وانما في الادارة ، وفي النظام القائم على المصالح الشخصية والحزبية على حساب المصالح الوطنية، فاغلب القائمين على الامر يستغلون مناصبهم ونفوذهم لزيادة اموالهم الخاصة، لذلك تجدهم اصبحوا تجار، ادخلوا كل الصناعات الرديئة  في العالم للسوق العراقية مقابل غسيل اموال وتعطيل الصناعة الوطنية، والحل ليس بالاندماج او اعادة تسمية او الدمج او الانشطار للأحزاب، فدعاة الاصلاح السياسي بعد هذه العقود من الكذب والتزوير ونقض العهود، لا يمكن ان تعيد الثقة بمجتمعها حتى يصدقها، لابد ان تقدم الفاسدين في صفوفها الى العدالة، وتعيد الاموال المسروقة للشعب ، وتعمل على توفير الخبز بالقضاء على الفقر والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية، فالكلام والطروحات والخطب الرنانة ، والذهاب للحضن العربي، وتنفيذ تعاليم صندوق النقد الدولي، لا تخدم الناس ولا تخدعهم مرة اخرى لانتخاب تلك الوجوه الفاسدة ، فاذا اريد الحفاظ على الدولة بكل اركانها يجب ان يطبق القانون على الجميع، ودعم المنتوج الوطني بصدق وليس دعاية انتخابية، والحفاظ على اسعار المواد الاساسية بمحاسبة الفاسدين الكبار حتى يخاف الصغار، واليد الحديدية يجب عليها ان تكون قوية خاليه من الشوائب حتى تضرب لتضبط الامور.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك