المقالات

سطور بحق القاضي الشجاع محمد عريبي

2318 2021-04-04

 

✍ د. عطور الموسوي ||

 

ماكنا نتوقع يأتي يوما وينتهي حكم الطغمة البعثية الجائرة، التي جثت على صدورنا ثلاثة عقود ونيف.. فكيف نتوقع أن يحاكم رأس السلطة صدام حسين ورموزها المجرمون..

وشاءت إرادة الله سبحانه أن يتحقق حلما راود ملايين الضحايا، وسقط الصنم وتهاوت بعده أصنام عديدة وتبعثرت صوره المليونية التي ملأت أزقة الأحياء مهما كانت صغيرة.

وفر (المغوار) الى جحر تأباه الحيوانات منهزما، وقد ترك جيشه نهبا لأعتى قوات دولية متعجرفة وزلزلت أرضه دباباتهم وروعت الأبرياء .. ولكن ليس عجيبا أن يفر كالجرذ المفزوع وهو الذي سمح للجان التفتيش عن أسلحة دمار ثرثر بها أن تدخل قصوره العديدة وغرف نومه، وعبثت بمقتنياته الشخصية وهو القائد (الضرورة) و(عز العرب)..وهو الذي وصلت أسماءه جرأة على الله بنفس عدد أسماء الله الحسنى .

يوم 13 كانون الأول من عام 2003 ألقي القبض عليه وهو بأقبح هيئة، شعث، أغبر، قذر، والقمل يتناثر من شعره ولحيته الكثة.. نعم هكذا شاءت الإرادة الإلهية أن تنهار عنجهيته وهو الذي  أراق الدماء الزكية دون ورع من الله، وهمه الوحيد أن يبدو وسيما ويلعب دور حامي البوابة الشرقية .

قرابة عامين والمحكمة الجنائية العراقية العليا تتهيأ لمحاكمته وخمس وخمسين متهما بجرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الانسانية، وكان يوم 19 تشرين الأول من عام 2005 موعد الجلسة الأولى لتلك المحاكمة العلنية المتمتعة بكل معايير الديمقراطية وفق المعايير الدولية، ومع كل الألم الذي عاناه المضحون وهم يرون قتلة أحبتهم يحظون برعاية واهتمام ويتنعمون بحقوق الإنسان التي كانت عبارة محرمة ومن ينطقها يختفي وراء الشمس كما كان يعبر الناس طيلة عقود حكم البعث السوداء.. لكن الجميع ظل يتابع تلك الجلسات التي خرجت عن إطار المعقول في عدد جلساتها، ولم تجري مثلها في العالم حيث صدام المجرم المتجاهر بإجرامه ولا يحتاج الى دليل قد تم تعيين له عشرات من محامي الدفاع، وأدار جلساتها الأولى قاضيان كرديان ولم يضيرنا ذلك فهم ضحاياه كما نحن.. ولكن عندما تسنم منصة تلك المحكمة القاضي المرحوم محمد العريبي جعل لهذه المحكمة مسارا جديدا وهو يتحدث بلغة أهلنا وأوجاعهم.. نعم تحسس بكاء النساء ممن قدمن شهاداتهن وهطلت دموعه كالمطر وربما يعد هذا إخلالا بعمل القضاة .. لكنه إنسان له مشاعر حية أوجعته تلك الشهادات المؤجلة لعقدين ونيف .

قلبه العطوف هذا غير حياته تغييرا جذريا وصار يعرض خدماته لمن يحث الضحايا على الحضور لقاعة المحكمة وتقديم شهاداتهم ضد أزلام البعث متحديا مدى الضرر المحتمل الذي ربما يوقع به إداريا.

يكفيه فخرا أنه لم يهاب سطوة ذلك المجرم، ولم يسمح له أن يعيش مشاهد من عنجهيته التي استعرضها على القاضيين الكرديين، بل على العكس عامله باحتقار يستحقه ولم يخل بمهنيته العالية .

وداعا أيها القاضي المقدام وقد أوجعت بموتك قلوب أناس أبهجتهم إدارتك لجلسات محاكمة فرعون زمانهم وزبانيته، وكن على ثقة هم لم ولن ينسوا صولتك للحق أمام ذلك العتل الزنيم ولم ترتبك وتتعلثم أمامه كأحد قضاتها .

تغمدك الله برحمته فأنت حتما لن تحشر مع الظالم، وانما مع من ظلمهم من شهداء ومضحين فأنت نصرتهم وهم في عليائهم رزقك الله شفاعة الشهداء الابرار .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك