المقالات

بعض العرب ومخطط تدمير العراق

1925 2021-03-31

 

عباس سرحان ||

 

لم يعد خافيا أن دَفعَ العراق لخوض حرب ضد إيران عام 1980 ما كان قرار صدام وحده، بل كان قرارا عربيا أمريكيا أيضا، ولكل طرف من هذه الأطراف أسبابه التي دفعته لهذا القرار.

صدام كان طامعا بالزعامة فوضع نفسه والعراق في خدمة مخطط استهدف ايران ووجد فيه فرصة مواتية للانقضاض على رفاقه من قادة حزب البعث واعتلاء كرسي الرئاسة.

وأمريكا ارادت الانتقام من الثورة الاسلامية في ايران والضغط عليها لتعجيل إطلاق سراح رهائنها المحتجزين في سفارتها في طهران وقتذاك.

أما دول الخليج ودول عربية اخرى فأيدت الحرب ودعمتها لكونها تسير في الركب الامريكي من جهة، ولأنها أرادت اجهاض الثورة الاسلامية التحررية في ايران مدفوعة بأسباب طائفية، واشغال العراق بحرب عبثية تستنزف قواه العسكرية والاقتصادية الصاعدة، من جهة ثانية.

وتوّج العرب دورهم التدميري للعراق بمحاصرته اقتصاديا وإفقاره بذريعة غزو الكويت طوال 13 عاما، وكانوا يصبون جام غضبهم عليه متذرعين بجرائم صدام ونظامه التي اقترفها بحق العرب كما زعموا وقتها.

لكن المفارقة انهم وما ان سقط نظام صدام حتى سارعوا لاستقبال ازلامه وأسرهم ووفروا لهم كافة الاجواء للعيش والعمل والتآمر على العراق مجددا.

من كانوا سببا بدمار العراق والمنطقة واعتدوا على الكويت واحتلوها ودفع العراق تعويضات لكل الدنيا بسببهم صاروا بقدرة قادر مظلومين واحتضنتهم الدول العربية وهيأت لهم كافة اسباب العيش.

وقالت حفيدة صدام، حرير حسين كامل في تصريح لاحدى وكالات الانباء إن" الدول العربية وفرت لنا المقومات الرئيسية للمعيشة كأوراق ثبوتية، وراتب شهري، ومنزل للسكن".

وهذا الموقف العربي المتعاطف مع ازلام النظام البائد لأسباب "إنسانية" كما يزعمون لم نشهده سابقا في تعامل الحكومات العربية مع ضحايا صدام من المواطنين العراقيين ممن فروا اليها، فقد كانت تعيدهم الى صدام ليتم اعدامهم وتغييبهم.

 إذن موقف حكومات العرب هذا يشير بوضوح الى أن العداء لصدام ونظامه وقت كان في السلطة لم يكن إلا عداء للعراق وشعبه ودوره السياسي والاقتصادي.

فالعراق يتمتع بموقع استراتيجي، ويملك ثروات هائلة تمكّنه من لعب دور كبير في المنطقة ووصول قوى وطنية ثورية لقيادة هذا البلد في أي وقت سيكون مكلفا جدا لدول التبعية وقوى الهيمنة.

وقد فاقم التدخل الخليجي وخصوصا السعودي والاماراتي والقطري في العراق من معاناة العراقيين، فآلاف المفخخات المدعومة من هذه الدول والتي استهدفت المدن العراقية ، أشاعت الموت والخراب في البلاد، كما وعطّلت مؤامراتها وحربها الاعلامية والسياسية التي شنتها ضد العراق عملية الاعمار فيه.

وليس أجلى من ذلك استثمار دول في الخليج وامريكا  التذمر الشعبي في العراق جراء تردي الاوضاع المعيشية التي كانت تلك الاطراف سببا فيها، لاضعاف النظام السياسي من خلال احتجاجات مريبة.

 وأخيرا بدأت بعض مفاصل مهمة في الدولة العراقية تقع في قبضة المخلب الخليجي والاماراتي تحديدا كما تشير الى ذلك بعض التسريبات.

وأصبح واضحا أن إعادة تركيب بعض المفاصل الحكومية العراقية المهمة لصالح المشروع الخارجي بات هدفا خليجيا واماراتيا على وجه الخصوص، تمهيدا لمرحلة مقبلة من ابرز سماتها التدخل في نتائج الانتخابات.

ودعم تكتلات سياسية ناشئة مرتبطة بالمشروع الخارجي والتأثير على القرار السيادي العراقي ومنعه من بناء الدولة.

ومن واجب القوى الوطنية في العراق ان تكون اكثر نباهة وهي تتعاطى مع التدخلات الخارجية، وتبتعد عن منطق النعامة في التعاطي مع الخطر، فالمرحلة المقبلة في العراق مهمة للغاية وقد تشهد تكريس المشروع السياسي البديل الذي تعمل عليه منذ سنوات قوى معادية للعراق.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك