المقالات

الكروموسوم الحادي والعشرون


 

عبدالزهرة محمد الهنداوي ||

 

لاذنب لهم ، سوى ان الله منحهم كروموسوما اضافيا ، فصار عندهم (٢١) من الكروموسومات، مما تسبب في إحداث تغييرات خَلقية تبدو واضحة من مُحيّا وجوههم وبنائهم الجسماني ، أؤلئك هم المصابون بـ(متلازمة داون)، او كما  يُطلق عليهم العراقيون بقسوة ( المنغوليين)، بل تصل القسوة بالبعض الى تشبيه كل ماهو قبيح او سيء بـ(المنغولي)، متناسين ان هؤلاء (المنغوليون) -كما يسمونهم- إنما هم بشر مثلنا، يحملون ما نحمل من المشاعر والاحاسيس ، بل اكاد اجزم انهم يحملون احساسا مرهفاً بالجمال، وتكتنفهم ارواح مملوءة بالمحبة للآخرين، ولكن، للأسف، ان الآخرين يتعاملون معهم بسخرية وقسوة مفرطة .. والمؤلم في الأمر،  ان البعض، إن شاهد شخصا ممن حصلوا على الكروموسوم الزائد، فانه يطلق لالفاظه السيئة،  وحركاته البهلوانية، العنان، ساخراً من هذا الانسان،  من دون ان يعلم انه يسخر من نفسه ، فهذا الانسان ليس له ذنب فيما هو عليه من الحال ، بل هي ارادة الله الذي اراد له ان يكون كذلك ، ربما ليختبر عقولنا وكيف سنتعامل مع بشر مثلنا خُلقوا كما خُلقنا ، وهم  بحاجة الينا ، وعلينا  ان نعاملهم كما ينبغي وكما  نريد ان نُعامل من قبل الآخرين، وعند ذاك سنكتشف  لديهم من قدرات هائلة على العطاء ، بل ويتميزون في اداء اعمالهم ومهامهم، لدرجة انهم يتفوقون على اؤلئك الذين يسخرون منهم، فمنهم من نبغ في الموسيقى، واخر في النجارة، وثالث في الرياضة ورابع في الهندسة وخامس في التقنيات الالكترونية .. الخ الخ .. ومعنى  هذا ، انهم ليسوا متخلفين كما يعتقد البعض ويسعى للسخرية منهم ، انما هم مختلفين عن الاخرين ، وهذه هي طبيعة البشر ، فهناك الابيض وهناك الاسود والاصفر والطويل والقصير والسمين والنحيف .. وهنا ينبغي علينا ان نعامل هؤلاء البشر الطيبين،  بإنسانية، كما يعاملهم العالم في الدول الأخرى، وتسعى تلك إلى  توفير  كل متطلبات الحياة لهم من اجل تمكينهم وإدماجهم في المجتمعات، ليكونوا اعضاء نافعين يعتمدون على انفسهم في توفير متطلبات حياتهم ، فهم ليسوا معوقين ولا عاجزين ، انما يحتاجون الى تمكين فقط ، ومن  هذا الباب، فقد خصصت  الامم المتحدة، يوما سنويا للمصابين بـ"متلازمة داون" هو يوم ٢١ آذار من كل عام، لكي يحتفل العالم بهم، وبالتالي رفع مستوى الاهتمام الحكومي والمجتمعي بهذه الشريحة الهشة، وضمان حقوقها في الرعاية الصحية والتعليم، والعيش الكريم لهم.. فيما نحن  في العراق، مازلنا نسخر منهم، ومستوى الرعاية المقدمة لهم ، متدنية جدا ، وما موجود من مراكز ومعاهد لرعايتهم، أما حكومية، ينقصها الكثير من المتطلبات، او أهلية، تكاليفها مرهقة للأسرة..لذلك فإن الحال بحاجة إلى المزيد من الاهتمام من خلال إطلاق المبادرات، لتوفير الرعاية المناسبة وتفجير طاقات اصحاب "متلازمة داون"

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك