المقالات

خارطة السلام والعدل في بيان المرجعية..!


 

محمد علي السلطاني ||

 

لم يكن صباح يوم الرابع من ايار مثل صباحات سائر الايام ، انه صباحأ ويومأ تأريخيأ بأمتياز ، اذ شهد حدثأ كبيرأ وعظيمأ في ابعاده ودلالاته،  التقت فيه قامتين روحيتين عالميتين ، لهما من القداسة والمنزلة والسلطة الروحية اثر عالمي بليغ .

اذ شهدت مدينة النجف الاشراف ، وفي ذلك البيت العتيق ، لقاء الاسلام كله مع المسيح كله .

لقد مثل لقاء المرجع الاعلى للأسلام المحمدي الأصيل مع  بابا الفاتكان ، لقاءأ لديانتين وارثين وفلسفتين وعقيدتين مختلفين ،لطالما شنت الصليبية على الاسلام جراء ذلك الاختلاف حروبأ طاحنة ، كبدت فيها المسلمين خسائر بشرية ومادية فادحة،

لذلك حمل هذا اللقاء الروحي والتاريخي الفريد  من نوعة ، وبهذا المستوا الرفيع  دلالات ومضامين عظيمة،  تستوجب الوقوف عندها طويلأ ، والتأمل مليأ باالابعاد والاسباب والتوقيتات  والنتائج ، فمثل هكذا اجتماع قد يسفر عن مخرجات تغير مسار التاريخ ، ومع ان الغاية المعلنة من الزيارة ،هي للتكفير عن الذنوب والخطايا بحج مدينة اور ، ونشر روح المحبة والتسامح والسلام ، وهي بطبيعة الحال رسالة وغاية سامية ، أتت في مقطع زمني احوج ماتكون الانسانية اليه من اي وقت مضى ، فتأمر  الغرب وحروبة التوسعية على دول العالم والشعوب الاسلامية المستضعفة بلغ ذروته، وخلف مأسيأ ودمار اضر بالانسانية اجمع ، لاسيما في الدول والشعوب الاسلامية المستضعفة .

إلا ان من حق الباحثين ان يسلطوا الضوء على كل جوانب وأهداف الزيارة ، اذ يلوح في الافق ثمة مشاريع سياسية وستراتيجية كبرى ، تقلب مفاهيم وموازين العالم والمنطقة ، بدبلوماسية روحية ناعمة ، وان ثمة رسائل مشفرة قد تم تبادلها كان التلميح فيها ابلغ من التصريح .

ان من البديهيات المنطقية لدى الشيعة ، هو عدم افتراق الدين عن السياسية ، وان ديننا هو عين سياستنا ، بناء على ذلك امست قرارات المرجعية ومواقفها السياسية بوصلة للمؤمنين ، فصارت تلكم المواقف بحق بيضة القبان ، وقطب الرحى ، والصخرة التي تتحطم عندها كل المشاريع التي تستهدف الاسلام والمسلمين ، سواء المرجعية في النجف الاشراف كانت  او في قم المقدسة .

ان المتمعن في البيان التاريخي الذي اصدره سماحة المرجع السيد السيستاني دام ظلة ، يرى ان هذه الوثيقة العالمية التاريخيه ارست حقائق ، واوضحت أسباب وبينت نتائج ، واعطت اطواقأ من النجاة كفيلة بتحقيق السلام والعدل العالمي ان صدقت النوايا ، اذ وضعت المرجعية اصبعها على الجروح التي تأن منها شعوب العالم والمنطقة ، والتي ان لم يعترف بها وتعالج بالعدل والانصاف ، تبقى كل مشاريع السلام كرماد تذروه الرياح ، او كرنفالات وحفلات للمتعة والتعارف ، يتستر فيها على الظلمة وتتضاعف من جرائها ألام الفقراء والمستضعفين.

في هذه الدراسة المتواضعة ، نحاول ان نسلط الضوء على بعض مضامين هذا البيان التاريخي للسلام والعدل ، الذي  في الواقع بحاجه بحوث تتظافر فيها جهود الكتاب والباحثين والقوى السياسية المحلية والعالمية التي تنشد العدل والسلام ، لسبر غور حكمته واهدافه الستراتيجية الانية والبعيدة المدى ، ولتحقيق الاستفادة المثلى من مضامينه ، وهنا سنحاول تسليط الضوء على بعضأ من تلك المضامين :

* ان لكل عصرأ تحدياته ومشكلاته ومنعطفاته التي تواجه الانسانية ، وهنا انطلقت المرجعية العليا بخطابها الى الفضاء الاوسع الذي يشمل البشرية اجمع ، بصرف النظر عن الدين والمعتقد والعرق واللون ، انه فضاء "الانسانية " وهذامنطلق قرآني استخدمه القرآن الكريم في موارد عديدة ، " يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم " اية ٦ سورة الانفطار ،

وفي هذا دلالة واضحة الى تبني المرجعية هموم ومشاكل الانسانية اجمع ، وأن حالة البؤس والعناء والشقاء التي استفحلت بين الناس ، ماكانت ان تكون لو امن الناس بالله ، وتمسكوا بالقيم والأخلاق السامية التي تحاكي فطرة الناس ، وهنا شخصت المرجعية بدقة الداء واعطت الدواء .

* الظلم .. وضع الشئ في غير محلة ، وهي مفردة ذكرها بيان المرجعية بصريح العبارة ، لما يخلفه من اثار اجتماعية ونفسية وخيمة ، تلقي بظلالها على الفرد والمجتمع على حد سواء ، حيث امسى الظلم ظاهرة عصرية مستشرية بين الدول وفي داخل المجتمعات ، والظلم هنا لايقتصر على ظلم الحكام  للشعوب ، بل اخذ صورأ وابعاد متعدده ، فالقوي يظلم الضعيف ، والغني يظلم الفقير ، والعالم يظلم الجاهل ، والكبير يظلم الصغير ...الخ  من اشكال الظلم التي لم تكن معهودة من قبل ، لذا فأن الظلم بات اليوم من اكبر المشكلات التي تواجه الانسانية ، والذي لابد للبشرية ان تتكاتف لتضع حدأ له .

* القهر .. هو احد الافات والمفاسد الذي شخصته المرجعية ، لما فيه من مغالبه وانعدام للرضا ، واحتقار وتسلط على رقاب المساكين من غير وجه حق او مشروعية .

* الفقر .. ذلك البلاء العظيم الذي ينخر في الشعوب المستضعفة ، يقول امير الموحدين " لو كان الفقر رجلأ لقتلته " لقد الحق الفقر والحرمان بالانسانية ال

يوم ضررأ بليغأ ، على الرغم من وفرة الخيرات وتنوعها ،الا ان الظلم وانعدام العدل واستئثار القلة بالخيرات والثروات حد التخمة على حساب الكثرة ، خلف حالة من الفقر والحرمان عانت الشعوب من مرارتها .

* الاضطهاد الديني والفكري .. وهو الاخر واحدأ من ابرز الانتهاكات أللاإنسانية التي تعاني منها البشرية منذ القدم ، وهو سوء معاملة ممنهج ، ينم عن احتقار وضطهاد وتسلط ، يستهدف فرد او مجموعة بسبب انتمائهم الديني او الفكري، وقد اشارت اليه المادة الثانية من الاعلان العالمي لحقوق الانساني في العام ١٩٤٨م .

* كبت الحريات .. ان من اعظم النعم التي من الله تعالى بها الانسان انه خلق حرأ ، والحرية مبدأ قراني عظيم ، اذ يقول جل وعلا

 " وقل الحق من ربك فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " سورة الكهف/٢٩

وفي هذه الاية المباركة ترك للناس مطلق الحرية في الايمان !! فأي حرية اكبر من ذلك!!

وهنا حذرت المرجعية من النتائج الخطيرة الناجمة عن كبت الحريات ومصادرتها ، لما سيولده الضغط من انفجار ، يزيد الأوضاع سوء ، ويجعل الحلول في غاية الصعوبة والتعقيد ، عليه لابد من الحوار ان يحل محلالكبي ومصادرة الحريات ، الحوار الخالي من الخدع والتدليس، والمبني على العدالة والحق ، قال تعالى

" وجادلهم بالتي هي احسن " سورة النحل/ايه ١٢٥

* غياب العدالة الإجتماعية  ..

اينما حل الظلم غابت العدالة ، ويعتبر مبدأ تكافئ الفرص من اهم مقومات العدالة الإجتماعية ، بهدف ازالة الفوارق الاقتصادية والاجتماعية الناتجه عن التحيز ، لتحقيق المساواة في التعليم والصحة والعدل وفرص العمل وغيرها من الامتيازات  ، ان غياب العدالة الإجتماعية يعد ظاهرة سلبية بالغة الخطوره ، تؤدي بالنتيجة الى تنامي حالة اليأس التي تقود الى العنف لأجل انتزاع الحقوق المشروعه ، بالتالي يكون الاضطراب وغياب الاستقرار سيد الموقف .

* الحصار الاقتصادي .. وهو من ابشع السياسات وابلغها ايلامأ ووحشية ، تتخذها الدول العظمى ضد الشعوب الدول والشعوب ، مستغلة حالة الجوع والحرمان ، وتفشي الفقر والمرض ، لتركيعها واذلالها بغية تمرير اراداتها ، وتعد الطفولة من أكثر طبقات المجتمع التي تسحقها طاحونة الحصار ، الطفولة التي لم تقترف ذنبأ او خطيئة يستحقت  تلك العقوب ، ناهيك عن مايعانيه الشعب المحاصر من نقص في الغذاء والدواء وباقي مستلزمات العيش البسيط ، وتعد هذه الجريمة وصمة عار في جبين الانسانية التي تدعي الحضارة والتبجح بقوانين حماية الانسانية !!

* التهجير .. عرف القانون الدولي التهجير بأنه اخلاء غير قانوني لمجموعة من الافراد والمجموعات من الأرض التي يقيمون عليها ، وهو يندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية.

لقد شهد العصر الحديث ، والسنين الماضية موجات مأساوية من التهجير، استهدفت شعوبأ وجماعات لأسباب دينية او اثنية و غيرها ، مخلفأ مأسيأ وويلات لا تحصى ، واجيالأ اغلقت افاق المستقبل امامها .

يتبع ...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك