المقالات

القضاء يستغيث..!

1524 2021-01-28

 

حمزة مصطفى ||

 

الناس في كل الدنيا تستنجد بل تستغيث بالقضاء. فالقاضي هو الذي يحكم بين الناس بالعدل. والعقوبة التي تترتب على حكم القاضي هدفها الإصلاح المجتمعي لا الإنتقام. والقاضي طبقا للمدونة الإسلامية هو كمن يذبح بغير سكين. والقضاء هو خط الدفاع الأخير للمجتمع والدولة. في العراق خصوصا بعد عام 2003 وبسبب كم الإشكاليات التي رافقت العملية السياسية إختزلنا القضاء بماهو  سياسي لا بمشاكل وطلايب ومصائب المجتمع الأخرى التي لاتقل إن لم تزد  في كثير من الأحيان عن القضايا السياسية سواء كانت قضايا إرهاب أو فساد أو سواها.

مايجري في المجتمع من جرائم قتل وإغتيال مع سبق الإصرار أو قذف وسب وتشهير وخيانات وطلاق وعنف أسري أمور باتت لاتطاق, بل تعدت حدود قدرة القضاء على التعامل معها. فأما المواد القانونية التي يحتكم اليها القاضي باتت قديمة ولم تعد تتلاءم مع ما أضافه التطور التقني ومن بينه الإنفجار الفضائي عبر منصات الميديا والسوشيال ميديا من مشاكل وأزمات, أو أن العقوبة في إطار القانون لم تعد رادعا حتى لو وصلت الى الإعدام.

لذلك حين أقول أن القضاء بات يستغيث لأنه  وطبقا لما ينشر ويتداول من أخبار بشأن مايجري في المحاكم أو مايقوم مجلس القضاء الأعلى بنشره من بيانات يؤكد أن المجتمع بجميع فعالياته السياسية والفكرية والدينية ونخبه من صناع رأي عام وقادة تخلوا في الواقع عن مهامهم الحقيقية في إصلاح المجتمع ماعدا الخطب والبيانات للنخب والسياسيين والمفكرين والوعظ والإرشاد بالنسبة لرجال الدين وركزوا على ماهو سياسي فقط. وهذا يعني أن القضاء بات وحيدا في مواجهة أزمات مجتمعية بلغت في جوانب منها حد الإنهيار ومامن مجيب أو مستجيب.

 لست رجل قانون لكن الذي أعرفه أن دور القضاء هو وضع حد للجرائم بمختلف أنواعها بنية الإصلاح والبناء. وهذا يعني أن القضاء هو  المطاف الأخير لما يمكن أن يفرزه المجتمع من مشاكل أو جرائم. أي أن السلطات الأخرى التنفيذية والتشريعية والسلطة الرابعة الإعلامية وكل السلطات الأخرى بمن فيها الدينية والعشائرية وسواها من السلطات المؤثرة في المجتمع هي التي يفترض أن تعالج قضايا المجتمع عبر الحكم الرشيد. فعندما تكون هناك تشريعات ترتقي الى مستوى طموحات الناس وحكومات قادرة على تطبيق هذه التشريعات بمنطق العدل والإحسان ورقابة حقيقية من  باقي السلطات فإن دور العدالة في كل محاكم البلاد لن تشهد الإ حالات بسيطة وعادية يمكن أن تحصل حتى في جمهورية إفلاطون أو مدينة الفارابي الفاضلة. لكن أن تتراكم الأزمات والمشاكل والمصائب بدون حلول  فإن نهايتها ستكون مأساوية حتى حين تحال الى القضاء. فالأحكام هنا في الغالب الأعم سليمة قانونيا لكنها لن تحل مايترتب من آثار مجتمعية عليها بسبب الخلل في باقي المنظومات السياسية والمجتمعية والفكرية قبل وصولها الى القضاء.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك