المقالات

قمة الدنا.. وحاكمية (الگذل) الشقراء..!

2199 2021-01-07

 

نعمه العبادي ||

 

حظيت ما سميت بقمة العلا لدول مجلس التعاون الخليجي بأهتمام اعلامي خليجي ودولي كبير على اساس انها قمة مصالحة بين قطر والسعودية والامارات، وعودة لدولة قطر لحضور القمم الخليجية بعد انقطاع دام اكثر من دورة، وتوتر في العلاقات بلغ حد التراشق الاعلامي العلني، ومنع قطر من استخدام الاجواء الجوية السعودية والاماراتية فضلاً عن تداعيات اخرى لهذه القطيعة.

مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس في عقد الثمانينات من القرن الماضي، كان ولا يزال حلفاً أمنياً في جوهره، فقد مثل النفط، ووحدة العدو، وتناظر مصادر القلق، المادة اللاصقة التي مسكت الاتحاد وماسكته، ودفعت به الى الامتداد الى مجالات اوسع، في مقدمتها التنسيق الاقتصادي، وإلا فإن الفوارق عميقة وجوهرية بين شعوب هذه المنطقة وإن ظهرت متقاربة في لهجتها.

مارست الكويت دوراً مؤثراً خارج مديات حدودها الوطنية خلال فترة السبعينات والثمانيات حتى سقطت بالضربة القاضية على اثر احتلالها من قبل (صدام)، حيث انكمشت على نفسها، واصبحت منشغلة في شأنها الداخلي، وهو دور لم يكن يروق للسعودية في حديث الكواليس، والتي تعد نفسها كبيرة الخليج وزعيمته، ومن غير المستبعد، ان تكون قد اعطت ضوءاً اخضراً او على الاقل فرحت في اعماقها لما حصل للكويت، وإن ظهرت مدافعة عنه في المحافل الدولية، فهذه المدافعة ضمنت لها أمرين، الأول عودة الكويت للدخول تحت جناحها، والثاني اضعاف العراق وخصوصاً نظام صدام الذي كان مقلقاً لكل المنظومة الخليجية.

منذ نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي وبدايات القرن الحادي والعشرين، نشطت قطر في ادوار فوق وطنية شابهت بعض ادوار الكويت السابقة، وقد مكنها تنامي قدراتها الاقتصادية، والامتدادات المؤثرة في مجال القوة الناعمة التي حصلت عليها في ظل شبكة علاقات معقدة مع امريكا واروبا واسرائيل وتركيا وايران ودول اخرى، وطرحت الاميرة موزة والدة الامير تميم نفسها كقطب فاعل في مجال توظيف القوة الناعمة واستخدامها في ادارة العلاقات الدولية، وهو دور لم يكن مرضياً كما هو الحال للسعودية ولا حتى للامارات، الدولة الصاعدة بسرعة صاروخية في قدراتها الاقتصادية وسعة مديات استقطابها للغرب وامريكا كشريك مهم وناجح في مجمل النشاطات الاقتصادية، ومع صعود الاخوان المسلمين في مصر والمنطقة ثم انتكاسهم، فقد دخل الموقف العقائدي والديني المختلف بين هذه الدول كمصدر انقسام وصراع في نهاية المطاف.

تزايدت هوة الخلاف مع قطر ووصلت حد القطيعة، الامر الذي جعلها قريبة من محور تركيا وكذلك نسبياً من ايران، فيما تقف السعودية والامارات ومصر وبرضا خليجي وعربي وبمساندة امريكية واسرائيلية في الطرف الآخر خصوصاً بعد التطبيع مع البحرين والامارات ومباركة السعودية لهذا التوجه، الامر الذي جعل التكهنات تذهب بعيدا في مستقبل العلاقات الخليجية إلا ان حقيقة الهاجس الامني الذي تأسس عليه هذا الاتحاد، اعاد الامور الى نصابها من جديد.

بأمر ترامبي واشراف ورعاية كوشنرية وبحسابات براغماتية واعية، وصل الى الجميع الى ضرورة انهاء هذه القطيعة والاعلان عن صلح علني، يعيد قطر الى منطقة الحراك والفعل السعودي الاماراتي.

ان انهاء الخلافات بين اي دولتين حالة ايجابية، وتزداد قيمتها اذا كانت تلك الدول مسبوقة بعلاقات حميمة وروابط كبيرة إلا أن مشهد (قمة الدنا) كان مخجلاً ومخزياً بامتياز، فقد ظهر الصبي كوشنير كضابط صف لفصيل مشاة منضبط، يتفرج بأريحية على ادائهم للحركات المطلوبة وعلى المسطرة لان المخالف موعود بعقاب كبير، وهكذا اكتشف الاخوان الخليجيون انفسهم من جديد بفضل تذكير ترامب وكوشنير والاسرائليين لهم، وليست الاخوة والجوار كما يدعى هي منطلق هذه العودة.

في الحسابات التقليدية لمحددات الاستقرار الاقليمي والدولي، فأن تزايد التقارب وانتهاء ازمات المنطقة يدعم بشكل كبير حالة الامن والاستقرار إلا ان الحالة في الوضع الخليجي الجديد مختلفة، فهذا التوافق هو اندفاع اكبر بأتجاه تصعيد توافقي في المنطقة، طرفه الآخر ايران ومن يقف معها، لذلك فإن الحماس الترامبي الكاشونيري لم يكن منطلقاً من القلق على الاخوة الخليجية ومصالح المنطقة بل هو امر موجب وضروري لاستكمال صفقة القرن ودورة التطبيع او التركيع والتي تدفع بالمنطقة الى مناطق توتر اكبر.

انه من المخجل والمؤسف، ان نشاهد شخصية مثل محمد بن سلمان بضالحة المواصفات التي يحملها، يتزعم هذه الكتلة البشرية الاقتصادية العملاقة، والتي تتصارع عليها الكثير من الاطراف الدولية، الامر الذي يؤشر بوضوح مستقبل المنطقة.

مع الاقرار بأن فوز بايدن يمكن ان يغيير الكثير في تركة ترامب بخصوص سياساته في المنطقة، ولكن هذا لا يعني ان تتبدل مسارات هذه الصفقة بشكل جوهري، وستبقى الرغبة في سحب المنطقة نحو توتر اكبر للاستثمار فيه، شغف لاكثر من عگال خليجي.

ــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك