المقالات

الجرذان التي تقرض سيادة الدولة..!

1588 2020-12-23

 

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com ||

 

تدفع أخبار الزيارات التي يقوم بها سفراء الدول، خصوصا سفراء الدول الكبرى منها، الى الزعامات السياسية والدينية في العراق، الى إثارة عدد كبير من الأسئلة، التي تحوم بمعظمها بالنتيجة، حول ضمور الدولة ونظامها، لصالح تغول الطبقة السياسية والأكليريك الديني.

على ضفة رجال الدين الذين يستقبلون سفراء الدول ويجتمعون بهم، وتخرج تصريحات عن مكاتبهم تتحدث عن أجواء الزيارات وما تمخض عنها، فإن الأمر سيكون قابلا للتفسير؛ إذا كانوا قد أعلنوا إنغماسهم بالحياة السياسية، أو كانت أدبياتهم وكتبهم تكشف عن إندكاكهم بالحياة السياسية، لكن الحال أنهم غالبا ما يثقفون أتباعهم ضد العمل السياسي؛ وخصوا أذا كان ينحى نحو التنظيم والنشاط الحزبي، وهذا ما يضع لقاءاتهم مع السفراء والفعاليات الديبلوماسية في دوائر الإستفهام.

على صعيد رجال السياسة وقادة الأحزاب والكتل السياسية، فإن أذهاننا تستعيد روح الدستور، كثابت يلزم جميع المواطنين الأخذ به والإذعان له، وهذا الثابت تحدث به جل فقهاء القانون الدستوري في العالم والذي مناطه ،أن صاحب السيادة الأصلي والوحيد هو الدولة.

الدولة كنظام منبثق عن العقد ألإجتماعي مع الشعب، تجعل السيادة حق يعود إلى الدولة، وهي سيادة لا تعطي الحق لغير الدولة بممارسة أفعال سيادية، مهما علت منزلتهم السياسية والدينية، ولا ريب ان العلاقات الخارجية لدولة ما، هي فعل سيادي محض، وهو حكر على الدولة وأجهزتها المعنية.

سنستمع الى ردود متشنجة على مقاربتنا هذه، وسيقول رجال السياسة وقادة الأحزاب والكتل السياسية؛ أنهم يبحثون في لقاءاتهم مع ممثلي الدول الأخرى، مصالح العراق والعراقيين، بالضبط مثل ما تقوله نصوص البيانات، التي تصدر إثر لقاءاتهم التي عنيناها، وهذا قول متهافت مردود، لأننا بلد يدار بنظام حكم يفترض ان يكون مؤسسيا، لا سيما وأن الحكومة هي نتاج العملية السياسية الديمقراطية، وأن لدينا جهات رسمية متعددة، يجد الساسة أنفسهم فيها.

الساسة ممثلون في مجلس النواب، وبأمكانهم تحقيق مصلحة العراق والعراقيين التي يتمشدقون بها، عبر لجنة العلاقات الخارجية للمجلس، كما أنهم موجودون في وزارة الخارجية عبر أتباعهم المبثوثين في الوزارة، فضلا عن ان وزارة الخارجية هي الجهة الوحيدة الحصرية للتواصل الدبلوماسي والقنصلي، لذلك فإن تواصل السياسيين مع السفراء والقناصل وممثلي المنظمات الدولية أمر لا يجد تبريرا مقبولا، بل يضعهم في دوائر الشك والريبة، ومنها دائرة التعامل اللامشروع مع جهات أجنبية، وهي دائرة يمكن ان تتحول الى حبال تلتف حول أعناقهم، فيما لو كانت لدينا دولة حقيقية، وأجهزة امن وأستخبارات معنية بشكل حقيقي بمكافحة التجسس..

سيقول الساسة أنهم يجرون لقاءاتهم مع ممثلي الجهات الأجنبية في العلن، وتحت أضواء وسائل الإعلام، وهنا بالضبط تكمن معاول هدم الدولة، ومن هنا تبدأ عملية إضمحلالها وإستنزافها، بعد أن حل الساسة بالعلن وأمام وسائل الإعلام، محل الدولة في واجباتها المنوطة بها دستوريا..

اما قصة لقاءات رجال الدين مع الجهات الدبلوماسية الأجنبية، فهي قصة ما بعدها قصة، فمع التسليم بالنوابا الصادقة لكثير منهم، طلبا لفعل الخير وبحثا عن مصالح البلاد والعباد على حد تعبيرهم، إلا أنهم وفي كل الأحوال مواطنين، وإن لبسوا الجبب ووضعوا على رؤوسهم عمائم، وهذه الأردية لا تمنحهم أكثر من التبجيل والإحترام والحصانة الإعتبارية، لكن كونهم ضمن توصيف "المواطنين"، يجعل تواصلهم وبأي معنى أو عنوان مع الجهات الأجنبية الرسمية، موضع إتهام مباشر..

حتى الأفراد الذين يمثلون ركن من أركان الدولة، ليسوا مستقلين بذاتهم ، وليس مسموحا لهم التواصل مع الجهات الأجنبية؛ إلا من خلال وزارة الخارجية حصرا، ولأسباب موضحة بالتفصيل.

الخروقات كثيرة؛ والتفسيرات المصلحية متفوقة، بإفتاء مصلحي لمعنى سيادة الدولة التي يعملون على قرضها،  مثل الجرذان التي خربت سد مأرب!

كلام قبل السلام: في الأسبوع الفائت كان السفير البريطاني في الكاظمية المقدسة يتفقد رعاياه..!

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك