المقالات

لابوعلي ولا مسحاته..!

2220 2020-11-30

 

د. حسين القاصد ||

 

    للأمثال الشعبية العراقية جذور في الموروث العربي الفصيح ؛ فهي غالبا ما تأتي باستدعاء المعنى بقالب من اللهجة العامية ، وتضرب مثلاً ، كما هي في فصاحتها ؛ ومن بين ما استدعي وانتشر باللهجة العراقية العامية ، هو المثل ، عنوان المقال ، ويقال هذا المثل لليأس من الانتظار ؛ والمسحاة كلمة فصيحة ، فهي :اسم آلة من سحَا وسحَى، أداةُ القَشر والجرف ؛ وفي الموروث الشعري العربي قال الشاعر :

 لقد ذهب الحمار بأم عمرو       فلا رجعت ولا رجع الحمار

وقد روى الجاحظ في (نوادر المعلمين): " ألّفت كتاباً في نوادر المعلمين، وما هم عليه من التغفل ثم رجعت عن ذلك، وعزمت على تقطيع ذلك الكتاب. فدخلت يوماً مدينة، فوجدت فيها معلمًا في هيئة حسنة، فسلمت عليه، فرد عليّ أحسن رد، ورحب بي، فجلست عنده وباحثته في القرآن، فإذا هو ماهر فيه، ثم فاتحته في الفقه والنحو وعلم المنقول وأشعار العرب، فإذا هو كامل الآداب. فقلت: هذا والله مما يقوي عزمي على تقطيع الكتاب.

كنت أختلف إليه وأزوره، فجئت يوماً لزيارته، فإذا بالكُتَّاب مغلق ولم أجده، فسألت عنه، فقيل مات له ميت، فحزن عليه، وجلس في بيته للعزاء.

ذهبت إلى بيته وطرقت الباب، [....] وإذا به جالس، فقلت: عظّم الله أجرك! لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، كل نفس ذائقة الموت فعليك بالصبر، ثم قلت:

هذا الذي توفى ولدك؟ قال: لا، [.....] فقلت: وما هو منك؟ قال: حبيبتي! فقلت في نفسي فهذه أوّل المناحس، فقلت: سبحان الله النساء كثير، وستجد غيرها. فقال: أتظن أني رأيتها؟ قلت وهذه منحسة ثانية، قلت: وكيف عشقت من لم تر؟ فقال: اعلم أني كنت جالساً في هذا المكان وأنا أنظر من الطاق إذ رأيت رجلاً عليه بُرد وهو يقول:

يا أم عمرو جزاك الله مكرمة  .. ردي علي فؤادي أينما كانـــا

فقلت في نفسي- لولا أن أم عمرو هذه ما في الدنيا أحسن منها لما قيل فيها هذا الشعر، فعشقتها!! فلما كان منذ يومين مرّ ذلك الرجل بعينه وهو يقول:

لقد ذهب الحمار بأم عمرو       فلا رجعت ولا رجع الحمار

فعلمت أنها ماتت، فحزنت، وأغلقت المكتب، وجلست في الدار".) .

 بعد هذه السياحة مع الجاحظ وام عمرو ، وحبيبها الذي لم يرها ، ليس لنا الا أن نقول سامح الله الشاعر جرير ، ولا أظن أن شاعرا وراء انتظار ( أبي علي ومسحاته) وليس غير نسق الاتكاء التداولي وهو اليأس ، والعقد الذهني مع المتلقي بالاتكاء على الموروث نسقاً ثقافيا.

ـــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك