المقالات

المُصول القومية..في أوردة رئاسة الجمهورية

1264 2020-11-20

 

محمد الجاسم ||

 

     إطلعت على المادة73ـ ثالثاً من الدستور العراقي النافذ،الخاصة بصلاحيات رئيس الجمهورية،فقرأتها على النحو الآتي:

     "يصادق ويصدر القوانين التي يسنُّها مجلس النواب، وتُعَدُّ مصادقاً عليها بعد مضيّ خمسة عشريوماً من تاريخ تسلمه." وهذا يعني أن مضي الخمسة عشر يوماً تعني إذا لم يبادر هو بالمصادقة،وبذلك يتضح النص الدستوري الجليّ بأن صلاحيات رئيس الجمهورية بروتوكولية،وليس من حقه الإعتراض أو النقض.لكن السيد رئيس الجمهورية برهم صالح فاجأ الشعب العراقي اليوم بتدخل (مسبوق،وليس غير مسبوق)بصلاحيات السلطة التشريعية،حين أعلن عدم مصادقته على قانون سد العجز المالي،وكان قبل أيام قد وصف القانون بأوصاف بعيدة عن اللغة القانونية والوطنية،والسيادية،حين قال :" إقرار قانون تمويل العجز المالي بغياب الكورد (سابقة سلبية) بالعمل السياسي"،لا أعلم كيف يسمح السيد رئيس الجمهورية لنفسه أن يمارس دور السياسي الكردي المطالب بحقوق مكون،ونسي أنه رئيس المكونات العراقية بأجمعها،علماً أن كلمة (الحقوق)كان مجلس النواب قد أجاب عنها في القانون، حين ربطها بالتزام الكرد (قادة الإقليم)بتسليم ما بذمتهم من إيرادات النفط المصدَّر الى الخارج دون علم السلطات الإتحادية في بغداد،وكذلك إيرادات المنافذ الحدودية البرية والمطارات،وهذا مطلب دستوري وسبق الحديث عنه وتثبيته في محاضر اللقاءات الرسمية بين حكومة الإقليم والحكومة الإتحادية،تلك المحاضر التي صارت ،وتبعاتها،مجرد لعبة غير محسوبة العواقب،تهرَّبَ الإقليم من إلتزاماته تجاهها،وعوقب مرات عديدة بسبب هذا السلوك المعادي لمصلحة مواطني كردستان أنفسهم ،وكذلك مصلحة مواطني الوسط والجنوب ،الذين تخرج واردات العراق النفطية من أراضيهم،وهم يتحملون مترتبات استخراج النفط ومشاقّه البيئية،بينما يحصل الكرد على حصتهم من الموازنات السابقة دون مقابل،وهذا ما أوقفته بغداد في زمن السيد المالكي وكذلك في زمن السيد العبادي،وجزء من زمن حكومة السيد عبد المهدي.

     لقد صدر قانون سدالعجز المالي(الإقتراض)من مجلس النواب العراقي،الجهة المسؤولة عن سن وتشريع القوانين،ورغم تحفظنا ـ شخصياً ـ على القانون برمته،وعواقب الإقتراض كنهج ضار بالدولة،إلا أن صفته القانونية قد أضفته عليه جلسة مكتملة النصاب وتصويت بالأغلبية.فلم يبقَ مجال قطعاً لاستخدام عبارات مثل(يوسع الفجوة بين العرب والكرد)..أو..(لم يخرج بالتوافق)،هذه كلها كلمات حق أُريدَ بها باطل.

     كان السيد رئيس الجمهورية ،وكأنه يغازل الزعيم القومي ورئيس العائلة الحاكمة في الإقليم،الذي وصف تمرير هذا القانون " بمثابة طعنة وجهها الشيعة والسنة ضد الكرد"،ليتناغم مع خطابه القومي الشوفيني،إيغالاً منهما بتسبيب الأسباب وفسح المجالات وفتح الأبواب لإعادة أحلام الإنفصال التي أحرقها الدستور العراقي وحكومة السيد العبادي.

     لقد أثار البيان الذي أصدره اليوم الخميس السيد حسن الكعبي النائب الأول لرئيس مجلس النواب،الذي قال فيه :" إن رئيس الجمهورية لا يملك صلاحية نقض القوانين او الاعتراض عليها او إعادتهـا إلى مجلس النواب"  واشار إلى:" أن مصادقته عليها إجراءٌ بروتوكولي ليس إلا"،أثار هذا البيان حفيظة المستشارين القريبين من السيد رئيس الجمهورية،ليظهر مساء اليوم أيضاً توضيح من مكتب السيد رئيس الجمهورية،نقلاً عن مصدر لم يعلن عن إسمه لوسائل الإعلام، فيقول: " إن رئيس الجمهورية برهم صالح لم يرفض المصادقة على قانون تمويل العجز المالي أو قوانين أخرى"، موضحاً أن "ما نشر غير ذلك غير صحيح".

     ليست هذه المرة الأولى التي يتقاطع فيها فخامة الرئيس مع الدستور ويعرِّض نفسه للإتهام بحنث اليمين وتجاوز سلطاته الدستورية،كانت قضية رفضه ترشيح أسعد العيداني لمنصب رئيس الوزراء واحدة من خروقاته الدستورية،وليست بعيدة عن الذاكرة، مطالبة نائبٍ عن بدر أعضاءَ مجلس النواب بمساندته في جمع التواقيع والتصويت على إقالة رئيس الجمهورية الذي "خرق الدستور أكثر من مرة بدوافع غير معلومة"،كان قبل آخرها تكليف مصطفى الكاظمي لرئاسة مجلس الوزراء دون أن ترشحه الكتلة الكبرى في البرلمان.

ورُبَّ قَوْل..أنْفَذُ مِنْ صَوْل.

ناصرية ـ دورتموند/ألمانيا

19ت2 2020

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك