المقالات

حديث عراقي عاطل عن العمل..!


 

اسعد عبدالله عبدعلي

 

عندما تقارن ثروات بلدان العالم بثروات العراق فانه يعتبر من اغنى بلدان العالم, لكن بسبب سلوك الطبقة السياسية النتنة في تبديد الثروات, فقد ضاع على اهل العراق حاضرهم ومستقبلهم.

كنت في طريقي الى باب المعظم حيث مكان عملي, استوقفني منظر شاب في الكراج, كان محبطاً وهو يحمل فايل اخضر اللون, من المؤكد انه خريج عاطل ويبحث عن عمل, فاقتربت منه احاول مواساته, فحدثني عن ما يجول في خاطره, فقال: "لا أعرف كيف اصف لك بشاعة ما يحدث في داخلي كل يوم, لكن تخيل مشهد الزجاج عندما ينكسر, هكذا انا مهشم من الداخل بسبب البطالة التي طالت ايامها, والتي تعني ان اعيش عالة على الاخرين, ويعني ايضا ان لا اتزوج وان لا افكر في تكوين اسرة, حيث اصبح مشروع الحب والزواج مؤجل الى اشعار موعده بعيد, حتى عندما اتمرض علي ان اصبر اتحمل مرضي, ولا افكر بالذهاب للطبيب, فلا قدرة للعاطل على طلب العلاج.

الحقيقة كان كلامه مؤلماً ومحبطاً, وهو حقيقة بائسة تعيش عند الاف العراقيين, ولا تتغير مادام النظام الساسي على سلوكه المشين.

فقلت له محاولا رفع معنوياته: " ‏توقف عن أكل نفسك، ستمضي الأمور إلى حيث من المفترض لها أن تمضي بإذن الله, وسيبزغ فجر ذلك اليوم الذي تتغير فيه احوالك الى الافضل, فقط كان واثقاً من رحمة الله التي وسعت كل شيء, وانها ستصل اليك وتنتشلك مما انت فيه".

التفت الي والحزن باد على تقاسيم وجهه المتعب, وقال: "والنعم بالله القادر على كل شيء, لكن دعني احدثك عن نفسي قليلا, كانَ هُناك شيءٌ واحد تعلمته طوال تِلك السنوات وهو الصبر, في حين أنني أفهمُ الآن أنّ ما تعلمته لم يكن صبرًا وإنما قِلة حيلة, في ايام كنت اعتبرها صبراً, كنت اواسي نفسي وارمي خيباتي على الصبر".

سكت قليلا ثم همس باذني وانفاسه تتقطع كأن نارا تستعر في داخله, فقال : "أنا متعب من المكوث في المكان الخطأ، ومحبط لأنه عليَ التعايش مع الأشياء المتاحة التي لم ارغب بها ابداً، اني متعب من الحمل الثقيل الذي تجره روحي كل يوم, يا اخي مؤلم أن نعيش هذا الكم الهائل من الخيبات، في مرحلة يقال عنها زهرة العمر".

كان لدي كلام كثير, كلمات بليغة, جمل مُنسقة وجاهزة, ولكنني فقدت صوتي, راقبت مضي الزمن وأنا صامت, ضاع عني ما اقول لهذا الشاب الواعي المحبط, ذو المنطق الشديد في سبك جمله, ثم استجمعت افكاري وقالت له: " لا تدع سفهاء السياسة واحزاب العهر يحزنوك, ويسرقوا منك ايمانك, فهذا رهانهم الاخير على اهل العراق, وهو ايقاعهم في مستنقع القنوط من رحمة الله, وهو مستنقع شديد الخطورة, انه منهج سياسي خبيث مازال مطبق منذ عقود في العراق, نعم ما مر عليك صعب وايام متعبة جدا ".

اقترب الباص الذي كان ينتظره, التفت الي كانه يريد ان يقول شيئاً يختم به حديثنا.. فقال: سيحدث امراً عظيما, فالظلم لا ينتج استقرار ولا هدوء, بل انتظر الزلزال وهو قادم لا محالة, وهو نتاج سلوك الساسة, فقط ندعو ان يحفظ الله الطيبين من كل مكروه".

اسرع بالقفز للباص ليجلس وحيدا في المقعد الاخير, وجه الشاحب ملتصق بالنافذة, وعينيه شاخصتان نحو السماء كانه في حالة دعاء.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك