المقالات

حصر التعيين بالمتظاهرين..!

1620 2020-09-22

 

واثق الجابري||

 

يكاد مشهد وجود تجمعات أمام هذه الوزارة أو تلك المؤسسة أو حتى أبواب المنطقة الخضراء، حيث مركز السلطة الإتحادية وبقية السلطات، أشبه بالحالة الطبيعية التي أفرزها الواقع السياسي، وهنا لافتات وهناك خيم ومشهد قطع شوارع، وآخر تصادم مع القوات الأمنية.

تنطلق التظاهرات وفق مبدأ دستوري بحرية التعبير، والإعتراض على العمل السياسي والخدمات والمطالبة بحقوق فردية وجماعية وحقوق شرائح.

تختلف التجمعات والاحتجاجات من حيث الشرائح والمطالب، ولا تخلو من حاجة فعلية ودفع أو إقناع سياسي، بأن سبيل الحل ينحصر بالتظاهر لإيصال رسالة للجهات المسؤولة، وإن العراق، حسب مفهوم أغلب السياسيين الذين أقنعوا معظم الشعب، هو دولة ريعية وستبقى كذلك ولا سبيل للعيش سوى بالوظيفة الحكومية، التي أصبحت حكراً بيد جهات سياسية وطبقة فاسدين، وإن الدولة وصلت إلى أشبه بالتوقف في جميع  القطاعات، وحتى من قصَّر بحق الشعب يدعوه للتظاهر وكأنه خارج قوس الإتهام.

عُدَّ التظاهر أجلى  صور التعبير عن الرأي، بإجتماع أفراد بشكل عفوي أو منظم، لدوافع سياسية أو اقتصادية، بل حتى شعبية وإجتماعية،  كوسيلة لنيل غايات، لا غايات ليس لها أهداف، ويبدو أن السياسيين أقنعوا الشارع أن الوظيفة الحكومية سبيل وحيد للعيش، ولا سبيل للوظيفة الا بالتظاهر، وبما أنها غاية فلابد من تقديم تضحيات وسقوط ضحايا، وحتى إختيار الوظائف العليا تتحقق من خلال التظاهر، بعيداً عن أطر المؤسسة والصيغ القانونية.

من خلال المعطيات وحقيقة ما صُوِّر لكل صاحب حق أو مشهد تقصير في واجب حكومي، رُسم المشهد بهذا الشكل، كأن تتظاهر هنا شريحة وهناك أخرى بإنتظار مسؤول يستجيب لحقوقهم، بينما ذهبت شريحة ثالثة لمحاسبة مسؤول بشكل مباشر والمطالبة بالاستقالة أمام المتظاهرين، وفي كل هذه الحالات حدث إرباك في طبيعة عمل المؤسسة، كالتعيين فوق الحاجة وعدم توفر غطاء مالي، أو الأخذ من الأموال الاستثمارية لغرض توزيعها كرواتب، وفي الجانب الآخر إقالة ،فقد لا يكون الإختيار مناسباً أو أو لغرض التبديل بشخص معد مسبقاً أو أن الإقالة جاءت لدوافع سياسية أو ضغط لإبتزاز.

إن إشاعة مفهوم التعيين بالتظاهرات لوحدها، وتصويرها السبيل الوحيد لتنبيه المسؤول لأداء واجبه، يُعد تغييباً لعمل المسؤول نفسه وعمل الحكومة، من رئيسها إلى كل المفاصل المرتبطة بالتخطيط وإعداد البرامج الإستراتيجية، وبذلك تغيب دور العمل المؤسسي ويغيب التخطيط، وتكون الوظائف خاضعة للمزاجية والمزايدات السياسية، التي لا تعدو إقالة نزيه أحياناً للمجيء بفاسد يتبعه، وتعيين من يتظاهر، فيما هناك شعب أحوج منهم للتعيين الحكومي، أو  التخطيط لتحسين واقعهم السياسي والاقتصادي والإجتماعي.

رغم أن فرص العمل ورعاية الحكومات لمواطنيها من أهم واجباتها او واجبها الرئيس، وكل الأفعال السياسية والإدارية تصب في هذه الغاية، ورغم أن التظاهر حق مكفول لكل مواطن والشعب مصدر  السلطات، إلاّ ان ذلك لايعني عملاً بلا تخطيط مسبق ورؤية إستراتيجية، لذلك لا يمكن أن يكون التعيين أو فرصة العمل أو إقالة مسؤول محصوراً بالتظاهر، وأن لا تُجعَل الوظائف سبيلاً وحيداًللعيش، رغم أن التظاهر على مسؤول مقصر مطلب محق، إلاّ أن عدم إتباع الصيغ القانونية ستجعله يفلت من العقاب، وتجعل الدولة لا تستجيب إلّا بالتظاهر، وهذا  ما يدخل التظاهر وهو حق مشروع، بما  هو لا مشروع من التدخل السياسي والمصالح الخاصة والتدخلات الخارجية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك